رَسُولُ الله - صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ- أَجْوَدَ الناسِ بِالْخَيرِ. وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ في شَهْرِ رَمَضَانَ. إِن جِبْرِيلَ عَلَيهِ السَّلامُ كَانَ يَلْقَاهُ، في كُلِّ سَنَةٍ، في رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ. فَيَعْرِضُ عَلَيهِ رَسُولُ الله - صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ- الْقُرْآنَ. فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ- أَجْوَدَ بِالْخَيرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ
ــ
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس بالخير) أي أكثر الناس جودًا وسخاء بالخير (وكان أجود ما يكون في شهر رمضان) وأجود بالرفع اسم كان وما مصدرية وجملة صلة ما المصدرية في تأويل مصدر مجرور بإضافة اسم كان إليه ويكون تامة والجار والمجرور في قوله: في شهر رمضان خبر كان، والتقدير وكان أجود أكوانه وأحواله حاصلًا في شهر رمضان فالمراد بالأكوان الأحوال كما فسرناه بالعطف التفسيري، قال القرطبي: إنما كان ذلك منه لأوجه أحدها رغبة في ثواب شهر رمضان فإن أعمال الخير فيها مضاعفة الأجر وليعين الصائمين على صومهم وليفظرهم فيحصل له مثل أجورهم ولأنه كان يلقى فيه جبريل لمدارسة القرآن فكان يتجدد إيمانه ويقينه مقاماته وتظهر عليه بركاته فيا له من لقاء ما أكرمه ومن مشهد ما أعظمه أي وكان أجود أحواله إذا كان في شهر رمضان فـ (إن جبريل - عليه السلام - كان يلقاه) صلى الله عليه وسلم (في كل سنة في) ليالي (رمضان) كلها (حتى ينسلخ) ويخرج رمضان (فيعرض عليه) أي على جبريل ويقرأ عليه (رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن) كل ليلة ليرسخ له ويستقر في ذهنه، وفيه استحبابُ الإكْثارِ من تلاوة القرآن في رمضان (فإذا لقيه) صلى الله عليه وسلم (جبريل) ليقرأ عليه القرآن (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم أجود بالخير) أي أسرع الناس جودًا وسخاءً بالخير (كالريح المرسلة) أي المطلقة من مستقرها والمراد كالريح في إسراعها وعمومها اهـ نووي. وفي القرطبي (كان أجود من الريح المرسلة) أي بالمطر، وفيه جواز المبالغة والإغياء في الكلام.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [١/ ٣٦٣] , والبخاري في مواضع كثيرة منها في الصوم باب أجود ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون في رمضان [١٩٠٢]، والنسائي في الصيام باب الفضل والجود في رمضان [٢٠٩٥].
ثم ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- المتابعة في حديث ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - فقال: