للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال لَهُ الخضِرُ: {قَال فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} [الكهف: ٧٠]. قَال: نَعَم. فَانطَلَقَ الخضِرُ وَمُوسَى يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ البحرِ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَة، فَكَلَّمَاهُم أَن يَحْمِلُوهُمَا، فَعَرَفُوا الخضِرَ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيرِ نَولٍ

ــ

(قال له الخضر) لموسى: (فإن اتبعتني) أي فإن صحبتني لأخذ العلم وهو إذن له في الاتباع، والفاء لتفريع الشرطية على ما مر من التزامه للصبر والطاعة (فلا تسألني عن شيء) تشاهده من أفعالي وتنكره مني في نفسك أي لا تفاتحني بالسؤال عن حكمته فضلًا عن المناقشة والاعتراض (حتى أحدث) وأخبر (لك منه) أي من حكمة ذلك الشيء الذي فعلته (ذكرًا) أي إخبارًا أي حتى ابتدئ لك ببيانه، وفيه إيذان بأن كل ما صدر منه فله حكمة وغاية حميدة ألبتة، وهذا من آداب المتعلم مع العالم والتابع مع المتبوع، وهذه الجمل المعنوية (قال): و (قال) مستأنفة استئنافًا بيانيًا لأنها جوابات عن سؤالات مقدرة كل واحدة ينشأ السؤال عنها مما قبلها اهـ من الحدائق، قال القرطبي: هذا من الخضر تأديب وإرشاد لما يقتضي دوام الصحبة ووعد بأنه يعرفه بأسرار مايراه من العجائب فلو صبر ودأب لرأى العجب لكنه أكثر من الاعتراض فتعين الفراق والإعراض اهـ من المفهم، والمعنى: قال له الخضر: إن سرت معي فلا تفاتحني في شيء أنكرته علي حتى ابتدئ بذكره فأبين له وجه صوابه فإني لا أقدم على شيء إلا وهو صواب جائز في نفس الأمر وإن كان ظاهره غير ذلك فقبل موسى شرطه رعاية لأدب المتعلم مع العالم اهـ من الحدائق (قال) موسى للخضر: (نعم) لا أسألك عن شيء فعلته حتى تخبرني عنه ذكرًا فتوافقا على ذلك الشرط فانطلقا، والفاء في قوله: (فانطلق) للإفصاح لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره إذا عرفت ما شرط الخضر على موسى وقبول موسى ذلك الشرط وأردت بيان ما فعلا بعد ذلك فأقول لك: انطلق (الخضر وموسى) أي ذهبا بعد اتفاقهما حالة كونهما (يمشيان) بأرجلهما (على ساحل البحر) وجانبه طلبًا للسفينة ليركباها، وأما يوشع فقد صرفه موسى إلى بني إسرائيل أوكان معهما، وإنما لم يذكر في الآية لأنه تابع لموسى فاكتفى بذلك المتبوع من ذكر التابع اهـ منه (فمرت بهما سفينة فكلماهم) أي كلم الخضر وموسى أهل السفينة وسألاهم (أن يحملوهما) ويركبوهما على السفينة (فعرفوا الخضر فحملوهما) أي أركبوهما (بغير نول) أي بغير أجرة، والنول

<<  <  ج: ص:  >  >>