للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (٧٣)} [الكهف: ٧١ - ٧٣]، ثُم خَرَجَا مِنَ السفِينَةِ، فَبَينَمَا هُمَا يَمْشِيَانِ عَلَى الساحِلِ إِذَا غُلام يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ. فَأخَذَ الْخَضِرُ بِرَأسِهِ، فَاقتَلَعَهُ بِيَدِهِ، فَقَتَلَهُ. فَقَال مُوسَى: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَال أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً

ــ

شَيءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} {وَلَا تُرْهِقْنِي} أي لا تكلفني يا خضر ولا تحملني {مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} أي ما لا أقدر عليه من التحفظ عن النسيان حيث وقع، والمعنى قال موسى للخضر: لا تؤاخذني بما غفلت عن التسليم لك وترك الإنكار عليك ولا تكلفني مشفة ولا تضيق على أمري ولا تعسر علي متابعتك بل يسرها بالإغضاء وترك المناقشة فإني أريد صحبتك ولا سبيل لي إليها إلا بذلك (ثم خرجا) أي خرج الخضر وموسى (من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل) أي على ساحل البحر وجانبه، فكلمة بينما هي بين زيدت فيها ما فلزمت الإضافة إلى الجملة كما مر بسط الكلام فيها في أوائل كتاب الإيمان، جملة (إذا غلام يلعب مع الغلمان) جوابها، وإذا فجائية رابطة لجوابها؛ والمعنى فبينما أوقات مشيهما على الساحل فاجأهما غلام يلعب مع الغلمان، قال القرطبي: الغلام من الرجال من لم يبلغ وتقابله الجارية في النساء، قال الكلبي: اسم هذا الغلام شمعون، وقال الضحاك: حيسون، وقال وهب: اسم أبيه سلاس واسم أمه رُحمى، وقال ابن عباس: كان شابًّا يقطع الطريق فلعل هذا القول لم يصح عن ابن عباس، بل الصحيح عنه أنه كان لم يبلغ (فأخذ) هـ (الخضر) من بينهم وهم عشر صبيان يلعبون بين قريتين وكان وضيء الوجه (برأسه فاقتلعه) الخضر (بيده) أي قلع رأسه من جسده بيده (فقتله) الخضر أي فقتله بذبحه مضطجعًا بالسكين أو بفتل عنقه، وقال الحافظ ابن حجر: يجمع بين الروايتين بأنه ذبحه ثم اقتلع رأسه، وقيل معنى قتله أشار باصابعه الثلاث الإبهام والسبابة والوسطى وقلع رأسه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثم خرجا من السفينة فبينما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلامًا يلعب من الغلمان فأخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله" كذا في الصحيحين برواية أبي بن كعب رضي الله عنه ولكن لم يبين القرآن كيف قتله؛ أحز رأسه أم ضرب رأسه بالجدار أم بطريق آخر؟ وعلينا أن لا نهتم بذلك إذ لو علم الله فيه خيرًا لنا لذكره ولكن بينته السنة كما ذكرنا آنفًا (فقال موسى) للخضر: (أقتلت) يا خضر؟ والاستفهام فيه للتوبيخ المضمن للإنكار أي هل قتلت يا خضر (نفسًا زاكية) أي طاهرة من الذنوب لأنها صغيرة لم تبلغ

<<  <  ج: ص:  >  >>