للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِغَيرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيئًا نُكْرًا (٧٤) قَال أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٥)} [الكهف: ٧٤ - ٧٥]؟ قَال: وَهذِهِ أَشَدُّ مِنَ الأُولَى. {قَال إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي

ــ

الحنث أي الإثم والذنب وهو قول الأكثرين {بِغَيرِ} مقابلة {نَفْسٍ} أخرى قتلتها هذه النفس المقتولة لك أي بغير قتلها نفسًا محرمة يعني لم تقتل نفسًا فيقتص منها، وخص هذا من بين مبيحات القتل كالكفر بعد الإيمان والزنا بعد الإحصان لأنه أقرب إلى الوقوع بالنظر إلى حال الغلام اهـ من الحدائق، وفي قراءة (زكية) بإسقاط الألف وتشديد الياء وهي بمعناها لكنها أبلغ من زاكية لأن فعيلًا المحول عن فاعل يدل على المبالغة، وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الغلام الذي قتله الخضر طُبع كافرًا ولو عاش لأرهق أبويه طغيانًا وكفرًا" متفق عليه وهذا لفظ مسلم.

والله {لَقَدْ جِئْتَ} وفعلت يا خضر {شَيئًا نُكْرًا} أي شيئًا منكرًا أنكر من الأول لأن ذلك كان خرقًا يُمكن تداركه بالسد وهذا لا سبيل إلى تداركه؛ والمعنى أي والله لقد فعلت شيئًا تنكره العقول وتنفر منه النفوس وإنما قال هنا: {نُكْرًا} وقال هناك: (إمرًا) لأن قتل الغلام أقبح من خرق السفينة لأن ذلك لم يكن إهلاكًا لنفس إذ ربما لا يحصل الغرق وفي هذا إتلاف النفس قطعًا فكان أنكر اهـ من الحدائق (قال) الخضر لموسى: {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ} يا موسى، والهمزة فيه للاستفهام التقريري المضمن للتوبيخ لموسى على ترك الوصية، زاد هنا لفظة {لَكَ} على سابقه لتشديد العتاب على رفض الوصية لأنه قد نقض العهد مرتين. قال القرطبي: ذكر {لَكَ} في هذه المرة ولم يذكرها في المرة الأولى مقابلة له على قلة احترامه في هذه المرة فإن مقابلته بـ {لَكَ} مع كاف خطاب المفرد يُشعر بقلة احترامه والله أعلم اهـ من المفهم. {إِنَّك لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * قَال} النبي صلى الله عليه وسلم: (وهذه) المقالة الثانية يعني قوله: ألم أقل لك (أشد) أي أوكد (من) المقالة (الأولى) يعني ألم أقل بلا زيادة لك، في العتاب بزيادة لفظة {لَكَ} في هذه دون الأولى حين تكرر منه الاشمئزاز والاستكبار مع عدم الارعواء بالتذكير أول مرة، قال البغوي: رُوي أن يوشع كان يقول لموسى: اذكر العهد الذي أنت عليه، وفي البخاري قال: لا يرحم الله موسى لوددنا أنه صبر حتى يقص علينا من أمرهما" {قَال} موسى للخضر: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيءٍ بَعْدَهَا} أي بعد هذه المرة أو بعد هذه النفس المقتولة {فَلَا تُصَاحِبْنِي}

<<  <  ج: ص:  >  >>