للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وينشد البيروني بعد ذلك خمسة أبيات رائعة وصف فيها الصنوبري حبوب الجرب وما فعلت به وأبدع في الوصف أيما إبداع فقال:

الشيب عندي والإفلاس والجرب ... هذا هلاك، وذا شؤم، وذا عطب

إن دام ذا الحكُّ لا ظفر يدوم ولا ... يدوم جلد ولا لحم ولا عصب

أما تراه على الكفّين منتظما ... كأنّه لؤلؤ ما إن له ثقب

كحبّة العنب الصغرى تبين ولا ... تزال تعظم مالا يعظم العنب

ولقّبوه بحبّ الظَّرف ليتهم ... يا نفس ضاعوا كما قد ضاع ذا اللقب

صراع بين العلم والشعر

قد انتقد البيروني عددًا من الأساليب والتراكيب والتشبيهات المعروفة المتداولة التي لاحظت فيها ثقافته "الجوهرية" ضعفًا علميًا، ووصفها بأنها "مستحسنة اللفظ مستهجنة المعنى". ونرى في هذه الملاحظات صراعًا بين الصدق العلمي والصدق الشعري. فيدرك البيروني مغزى هذه التراكيب والتشبيهات ولكن يودّ لو روعيت فيها الحقائق العلمية. وهنا تطغى شخصيّته العلمية - وهي قوية غلاّبة - على شخصيّته الأدبية، فيقول:

١ - "ومن المستحسن لفظه في الشعر قول الأول:

أمسى فؤادي عند خمصانة ... ذات وشاح قلق جائل

كأنَّها من حسنها درَّةٌ ... أخرجها اليم إلى الساحل

ثم إنه المستقبح معنى لأن المقذوف لا يكون إلاّ في صدف ميت وهو في هذه


= الوأواء تحقيق سامي الدهان، المجمع العلمي العربي بدمشق، سنة ١٣٦٩ هـ: ١٥٣ ويتيمه الدهر للثعالبي تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة حجازي، القاهرة ١: ٢٧٦.

<<  <   >  >>