للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال أبو عبيد: ومن ذلك قول علي رضي الله عنه لسليمان بن صرد. وكان تخلف يوم الجمل ثم أتاه بعده، فقال له علي: تنأنأت وتربعت وتراخيت فكيف رأيت الله صنع".

وبعدما ذكر سنده قال: " (تنأنأت) يريد: ضعف واسترخيت. قال الأموي عبد الله بن سعيد: يقال: نأنأت الرجل إذا نهيته عما يريد وتعففه عنه، فكأنه يعني: أني حملته على أن ضعف عما أراد وتراخى. وقال غير هؤلاء من أهل العلم: إنما سمي أول الإسلام النأنأة، لأنه كان والناس ساكنون هادئون، لم تهج بينهم فتنة، ولم تشتت كلمتهم. وهذا قد يرجع إلى المعنى الأول، يقول: لم يقو الشتتت والاختلاف والفتن فهو ضعيف لذاك" (١).

ويمكن تلخيص كلام أبي عبيد بأن نقول: "أي في أول الإسلام قبل أن يقوى ويكثر أهله وناصره. وأصل النأنأة: الضعف. وقيل إنما سمي بذلك لأن الناس كانوا حينئذ ساكنين هادئين. وهذا قد يرجع إلى المعنى الأول، أي لم يقو التشتت والاختلاف بينهم".

فلننظر كيف لخص بيان الحق: نقل الحديث بلفظ "طوبى لمن مات في نأنأة الإسلام" ثم قال: "أي أول الإسلام قبل أن يقوى الإسلام. وأصل النأنأة: الضعف، ورجل نأنأ ضعيف. وإنما قال لأول الإسلام: النأنأة لأنه كان والناس ساكنون هادئون، لم تهج بينهم الفتن، ولم تشتت كلمتهم، فكأنه لم يقو التشتت والاختلاف" (٢).

المأخذ الأول هنا أن بيان الحق نقل الحديث بلفظ "نأنأة الإسلام" والذي ورد في كتاب أبي عبيد: "النأنأة" بدون إضافة، وكذا في كتب الغريب


(١) غريب أبي عبيد ٤: ١٠٩ - ١١١.
(٢) جمل الغرائب: ٤٠ - ٤١.

<<  <   >  >>