للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ينشدْنك العدل في ابنة أبي قُحافة، فقالت فاطمة: والله لا أكلمه فيها أبداً، قالت عائشة: فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحشٍ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي كانت تُساميني منهنَّ في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أر امرأة قط خيراً في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالاً لنفسها في العمل الذي تصدقُ به، وتقربُ به إلى الله تعالى ما عدا سؤرة من حدٍّ كانت فيها، تُسرعُ منها الفيئةُ، قالت: فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مرطها على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها، فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله: إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، قالت: ثم وقعت بي، فاستطالت عليَّ، وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرقُب طرفة، هل يأذن لي فيها؟ قالت: فلم تبرح زينب حتى عرفتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر، قالت: فلما وقعت بها لم أنشبها حين أنحيتُ عليها - وفي روايةٍ: لم أنشبْها أن أثخنْتُها غلبةً - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبسم: "إنها ابنة أبي بكر".

قال ابن حجر: وفي هذا الحديث منقبة عظيمة لعائشة، وقد استدل به على فضل عائشة على خديجة وليس ذلك بلازم لأمرين: أحدهما احتمال أن لا يكون أراد إدخال خديجة في هذا، وأن المراد بقوله "منكن" المخاطبة وهي أم سلمة ومن أرسلها أو من كان موجوداً حينئذ من النساء، والثاني على تقدير إرادة الدخول فلا يلزم من ثبوت خصوصية شيء من الفضائل ثبوت الفضل المطلق كحديث "أقرؤكم أبي وأفرضكم زيد" ونحو ذلك، ومما يسأل عنه الحكمة في اختصاص عائشة بذلك، فقيل لمكان أبيها (١)، وأنه لم يكن يفارق النبي صلى الله عليه وسلم في


- تساميني: المساماة: المناظرة والمناصبة، وهو مفاعلة من السمو، وهو العلو.
سورة من حد: السورة: الوثوب والثوران، الحد: الحدة في الإنسان.
الفيئة: الرجوع عن الشيء الذي يكون قد لابسه الإنسان.
وقعت به: إذا وقعت في عرضه وشتمته، من الوقيعة في الناس.
لم أنشبها: أي: لم ألبثها ولم أمهلها.
أنحيت عليها: أي قصدتها: بالمعارضة.
أثخنتها: قمعتها وقهرتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>