للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبراهيم عليه السلام أن ينقل إسماعيل إلى مكة، فلما نقله إليها ففطن جرهم لمجاورته، وعرفه بهم. ويقال: أنساه لسان أبيه وميزه عن سائر ولد إبراهيم، فكان ولد إسماعيل عربًا وولد إسحق غير عرب، وإن كانا جميعًا أبناء إبراهيم. فكان الذي يعرب بهم إسماعيل أقرب إليه وأولى به من ولد إسحق فأشرطه في الجملة أن يكون من العرب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضعها في قريش، إلا أنهم علية العرب، فلا تزال في الأعلى ثم من يليه، ولا تخرج من العرب إلى غيرهم ما دام فيهم من يصلح لها، فإن لم يكن في جميع العرب من يصلح إليها انتقل حينئذ إلى ولد إبراهيم أقربهم من إسماعيل صلوات الله عليهم، ولن يعدم من يصلح لها من قريش أبدًا، إن شاء الله.

فصل

وإن سأله منهم: إذا وجدوا قرشيًا عالمًا عدلًا، كيف يصنعون؟ قيل: الأشبه عندي- وبالله التوفيق- إنه يقدم القرشي العادل، فيتولى الناس الصلاة، فإن أشكل عليه أمر، وجاء بشيء عمل فيه برأي أهل العلم ويسعه ذلك لأنه يصلي لنفسه. وإن أتيتم به غيره، ويجاهد بهم المشركين في الوقت الذي يراه أوعز وأصلح، وذلك من باب التدين والسياسة، فلا يمنعه من ذلك أ، لا يكون فقيهًا. فإذا لقوا المشركين أو أحرزت الغنائم ولي أمرها رجلا من أهل العلم ليتولى منه ما أراه الله عز وجل، ويولي الحدود رجلا من أهل العلم، والقضاء كذلك، وأخذ الصدقات وتفريقها كذلك، وكذلك كل عمل من أعمال المسلمين لا يقوم بتنفيذه إلا أهل العلم لذلك، وإن جمع الأعمال كلها لواحد فولاها إياه، جاز بعد أن يكمل لها، فيكون حاصل هذا المعقود له الإمامة، إنه إمام في الصلاة، وإمام في كل عمل يتهيأ امضاؤه بالعلم الظاهر الذي يشترك فيه العامة والخاصة. فأما كل عمل لا يتهيأ امضاؤه إلا بالعلم الذي ينفرد به الخاصة، وليس بموجود عنده فإنه إمام فيه، في حق التولية دون التنفيذ والمباشرة، وليكون مصدرًا للولاة والعمال من تحت يده بعد أن يرجع إلى أهل العلم، فإذا وقع اختيارهم على من يصلح ولاه إياه فتكون منزلته في عامة الأعمال كمنزلة الإمام المطلق في الأيامى اللاتي لا أولياء لهن، فإنه لا يزوجهن إذا كان محرمًا، ولكن يولي تزويجهن حلالًا، فيجوز تزويجه، كمنزلة الإمام

<<  <  ج: ص:  >  >>