للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الجور فسق. فمن قال: أن الفسق لا يناقض الإمامة، قال: على الناس أن يطيعوه فيما يجب عليهم فإن قدروا أن لا يجور فمن قال: الفسق لا على الامتناع ولا يخرجون.

ومن احتج لهذا، قال: قد جاء في فريضة الصدقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (فمن سألها على وجهها فليعطها، ومن سؤل فوقها فلا يعطه) فإنما أذن في منع الزيادة، وفي ذلك إيجاب رفع الأصل. وإن لم يقدروا على منع الزيادة وخافوا سطوته كلهم أن يعطوه ما يريد كي يسلموا. وإن كان إذا ناصبوه وحاربوه قدروا على أن يمنعوه ما لا يلزمهم، إن لم يخش من ذلك ثوران فتنة أضر من جوره، فلهم ذلك. وإن خافوا من ذلك لم يحل لهم قتاله. وكان السمع والطاعة أولى لهم. ومن قال: إن الفسق يناقض الإمامة قال: قد يعزل بالجور، فإن اعتزل فذلك، وإن ثبت مكانه ولم يخرج يده من أمور المسلمين بعد ما يدعى إليه صارت منزلته بعدما فسق من نفسه قبل أن يفسق منزلة باغ تجرأ على الإمام العادل. وقد قلنا أن الباغي إن كانت له شوكة يقدر بها على الامتناع ثبت تأويله، وتعدت تصرفاته، فكذلك الإمام بعدما فسق، وإن كانت له منعه ثبت ما فعله وتعدت تصرفاته، وإن لم يكن له صنعة وأمكن خلعه خلع. والاحتياط أن يدعي إلى خلع نفسه وتولية غيره، فإذا فعل ذلك، ما أمر أهل العقد، فقد تم الأمر وبالله التوفيق.

فصل

وإذا أغفل الإمام بلدًا، فلم يستعمل عليهم أحدًا لاشتغاله بغيرهم عنهم، فأمر أهل البلد على أنفسهم أميرًا، فالجواب فيه كالجواب فيهم إذا أمروا على أنفسهم في حال الفترة أميرًا، وقد تقدم ذكره.

فصل

فإن أمر الإمام أميرًا في طرف، فغلب ذلك المولى على ذلك الطرف غالب. فإن كان يصلح لما ولاه الإمام، فالمتغلب باغ خارجي إن كان لا يصلح بأمر بين لا يخفي على مسلم أنه لا يحل بأمير مثله على المسلمين. فهذا أيضًا يختلف إن كان الإمام عرفه بهذه الصفة لما

<<  <  ج: ص:  >  >>