للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقدر عمله. والباقون في ظلمة شديدة من دخان جهنم، فيقولون لهم: ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا.

قال الله عز وجل: {فضرب بينهم بسور له باب، باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب} فيحتمل- والله اعلم- أن هذا السور إنما ضرب عند انتهاء الصراط، وينزل له باب يخلص منه المؤمنون إلى طريق الجنة، فذاك هو الرحمة التي في باطنه.

وأما ظاهره فإنه يلي النار، وإن كانت النار سافلة عنه لا محاذية إياه، فإذا لم يجد المنافقون إلى باطن السور سبيلا إلا أن يقذفوا من أعلى الصراط، فيهوون منه إلى الدرك. الأسفل من النار، ولم يذكر الله تعالى في قصة النور إلا المنافقين.

فقد يحتمل من قول من يقول أن الكفار لا يجاوزن على الصراط، أن المنافقين يخصون بالإجازة عليه على معنى أن يجلوا وأتباع المؤمنين، ليظنوا أنهم ينجون بنجاتهم، حتى إذا بلغوا الحد ميزوا عنهم، فنادوا المؤمنين: {ألم نكن معكم، قالوا: بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتم الأماني حتى جاء أمر الله، وغركم بالله الغرور}. فيكون هذا مما أخبر الله تعالى أنه فاعله بهم في قوله: {قالوا: إنما نحن مستهزئون، الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون} والله أعلم.

واختلف الناس في أصحاب الأعراف فقال قائلون: {أنهم ملائكة يقومون عليها، وينظرون إلى أهل الجنة مرة فيحيونهم، وإلى أهل النار مرة فيبكونهم، ويحملهم ما يشاهدونه من سوء أحوالهم على الاستعاذة بالله تعالى منها وذلك بعيد من وجهين: احدهما أن الله عز وجل قال: {وعلى الأعراف رجال} واسم الرجال لذكور العقلاء، والملائكة ينقسمون إلى ذكور وإناث.

والأخر: انه تعالى أخبر عنهم أنهم يقولون لأهل الجنة: {سلام عليكم}، طامعين أن يدخلوها. والملائكة غير محجوبين عن الجنة، إلا أن تكون ملائكة العذاب، ولئن كان منهم من أن لا يدخلها، فإنه لو دخلها ليتلذذ بنعيمها، إذ التلذذ بما يتلذذ به الناس غير

<<  <  ج: ص:  >  >>