مركب فيهم. فيقال إذا لم يصل إليها أنه يطمع أن يدخلها. وأيضا فإن الحيلولة بين الطامع وطمعه تستبق ولا عذاب يومئذ على ملك.
وقيل: أنهم قوم قتلوا في سبيل الله أنهم مع ذلك أصحاب كبائر، فلم يدخلوا النار، إلا أرواحهم ذهبت في سبيل الله تعالى ولم يدخلوا الجنة للكبائر التي وافوا القيامة بها فيحبسهم الله تعالى بين الجنة والنار خائفين، راجين إذا نظروا أهل الجنة، قالوا {سلام عليكم} مستعجلين بأن يلحقوا بهم، وإذا أشرفوا على النار، قالوا:{ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين}.
فيكون ذلك الخوف عقوبة لهم إلى أن يمن الله تعالى عليهم بالجنة. وقيل. أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، لأن الحسنات تحول بينهم وبين النار، والسيئات تحول بينهم وبين الجنة، فيحبسون هناك ما شاء الله عقوبة لهم على سيئاتهم ثم يدخلون الجنة.
وهذه حال قد بينا من قبل أنها لا تكون ولا يمكن أنها لا تكون، ولا يمكن لأنه لو جاز أن تستوي الحسنات والسيئات بأصلها وهو الإيمان، وانفراد السيئات عن الكفر لا يمكن أن تزيد السيئات على الحسنات حتى يكون ميزانها هو الثقيل وميزان الحسنات هو الخفيف، ولو أمكن أن يكون ذلك لم يدخل من كان هذا حالة الجنة أبدا، لأن الوزن لم يظهر له حسنة قط إذا كان ميزان السيئات هو الذي يثقل، ولا يوازي ثقلها من جانب الحسنات ثقيل أصلا.
ولو كان لا يجوز أن يكون مؤمن يخلد في النار، علمنا أن زيادة سيئات المؤمن على حسناته غير ممكن، وإذا نظرنا في ذلك وجدنا المعنى: أن مع حسنات المؤمن إيمانه الذي هو أصل الطاعات، ولا يوازن الأصيل ما ليس بأصل.
فإذا وجب هذا المعنى أيضا: أن لا تساوي حسنات المؤمن سيئاته، وأن يكون أثقل ميزاني المؤمن ميزان حسناته- والله أعلم- ألا أن يقول قائل: أن حسنات المؤمن سوى إيمانه، وسيئاته قد يستويان، ولكنه هذا إذا كان وضع الإيمان مع حسناته في الميزان