للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء وراء ما ذكرنا من تعظيم ذكر الصوم أخبار منها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الصوم نصف الصبر). وهذا والله أعلم -أن جميع العبادة فعل أشياء وكف عن أشياء، والصوم يقمع الشهوات، فييسر به الكف عن المحارم، وهو ينتظر الصبر، لأنه صبر عن الشهوات. ويبقى وراءه للصبر على الأشياء وهو يتكلف الأفعال المأمور بها، فلما كان الصبر أن يتحير عن الأشياء، وصبر على الأشياء والصوم يعين على أحدهما، فهو إذًا نصف الصبر والله أعلم.

ومحمد صلى الله عليه وسلم قال: (أن لكل شيء بابًا، وباب العبادة الصيام) وهذا -والله أعلم -معنى راجع إلى معنى ما تقدم. وعنه صلى الله عليه وسلم: (الصائم لا ترد دعوته). وجاء عن بعض السلف في قوله عز وجل: {كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيام الخالية} قال الصوم روى أن عبد الله أتى بشراب فقال: أعطه لقمة، فقال: إني صائم، فقال: أعطه مشروبًا فقال: إني صائم، فقال أنهم {يخافون يومًا تنقلب فيه القلوب والأبصار}.

وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل حسنة يعملها ابن آدم تضاعف عشرًا إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم، فإن الله عز وجل يقول: (الصوم لي وأن أجزي به. للصائم فرحتان: فرحة عند إفطاره وفرحة يوم القيامة، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك). وفي بعض الروايات: (وفرحة عند لقاء ربه). وفي بعضها: (فإنه لم يترك الطعام والشراب لأجلي). وفي بعضها (بترك شهوته لأجلي). وفي بعضها (كل عمل ابن آدم كفارة، والصوم لي وأنا أجزي). أي أن كل عمل يعمله ابن آدم من الطاعات فإنما هو ينو ولا ينقص من بيته شيئًا، فإني لم أفرض عليه عبادة تعرضه للنقصان، ولا يؤمن أن تكون سببًا لهلاكه، إلا الصوم. وذلك أن الله عز وجل حيل الناس على أن تكون أبدانهم دائمة التحلل بالبخارات التي تخرج من المسام والعروق والتنفس، فهي

<<  <  ج: ص:  >  >>