وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سعى في بطن الوادي وهو يقول:(لا تقطع الأبطح الأشد) فهذا وأمثاله لا بأس بها والله أعلم.
فصل
واختلف الناس في التعريف لغير مكة، فروي عن الحسن قال: أول من عرف بالبصرة ابن عباس: وقال موسى بن أبي عائشة: رأيت عمر بن حريث يخطب يوم عرفة، وقد استمع الناس إليه وذلك يحسن، لأن أهل الأمصار يكبرون أيام منى كما يكبر الحج، ويصلون يوم النحر بدلًا من طواف الحج، ويضحون كما يضحى الحجاج والعمار عن مكة، فينبغي لهم أن يأتوا المدينة ليزوروا المدينة تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسلوا عليه وعلى صاحبيه. فماذا أشرفوا عليها ورأوها قالوا: ما ذكرنا قبل هذا أن المسافر يقول كلما أشرف على بلد وقرية يريد نزولها، فإذا دخلوا المدينة قالوا: اللهم أجعل حرم رسولك أمنًا لنا من العذاب وسوء الحساب بمنك وطولك، ثم لا يعرجوا على شيء حتى يأتوا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا دخلوه بدأوا بالصلاة، فحيوا المسجد بركعتين، ثم يمضون إلى حضيرة القبر، فاستقبلوا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: السلام عليك يا رسول الله، نشهد إنك بلغت رسالة ربنا وأديت إلينا كتابه، وثبت فينا أحكامه، وبينت لنا حلاله وحرامه، وعرفتنا وعده ووعيده، وجاهدت في الله حق جهاده، ونصحت أكمل النصح لعباده، وأظهرت شرائع الحق في بلاده، ولم تزل قائمًا بدينه هاديًا بأمره حتى توفاه إلى كرامته، وقبضك إلى روحه وراحته، فصلى الله عليك، وأحسن عنا جزاءك، وأتاك الوسيلة والرفعة والفضيلة، وسلم عليك تسليمًا يوازي قدرك ويقضي عنك حقك.
ثم تسلم على صاحبيه فتقول: السلام عليك يا أبا بكر صفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثانيه في الغار، وخليفته على الصلاة بالمهاجرين والأنصار، وجزاك الله عن أمتك رسوله حقًا، ولقاك يوم القيامة أمنًا وبرًا، السلام عليك يا عمر، أعز الله بك الإسلام، واستخلف فيك دعاء نبيه عليه السلام جزاك الله عن أمة نبيه أحسن الجزاء، كما كنت فيهم مثلنا خير البلاء