للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالإيمان وحده (١).

فإن قيل: الإيمان يشتمل على الأربع ولذلك فسَّره بها.

قلنا: هذا لكم أن تقولوه، غير أنه فسر الإيمان بخمس:

إحداهن: الشهادتان، والثانية: الصلاة، والثالثة: الزكاة، والرابعة: الصوم، والخامسة: أداء الخمس من الغنيمة، وفي بعض الروايات أنه قال: شهادة أن لا إله إلا الله وعقد واحدة (٢).


(١) للمؤلف سقطات سيئة من نواح عدة في الكلام على حديث ابن عباس هذا المتفق عليه، الحائز أعلى درجات الصحة والقبول، حيث تصور أنه معارض لحديث عمر السابق، فنثر كنانته ليرفع هذا التعارض وليزيل هذا التدافع فلم يجد فيها أجود من خروجه على الناس بعلل رديئة بعضها أردأ من بعض لم يسبق إليها، وقد وافق بينهما وألف أهل العلم من غير إحداث هذه الشناعة، قال الحافظ أبو عمرو بن الصلاح:
فقوله: "أمرهم بالإيمان بالله" إعادةٌ لذكر الأربع ووصفٌ لها بأنها إيمان بالله ثم فسر الأربع بالشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم فهذا إذا موافق لقوله - عليه السلام - "بني الإسلام على خمس" ولتفسير الإسلام بخمس في حديث جبريل - صلى الله عليه وسلم - على ما سبق تقريره من أن ما يسمى إسلامًا يسمى إيمانًا، وأن الإيمان والإسلام مجتمعان ويفترقان، وقد قيل: إنما لم يذكر الحج في هذا الحديث لكونه لم يكن فرض حينئذ والله أعلم.
وأما قوله: "أن تؤدوا خمسًا" فليس عطفًا على قوله: "شهادة أن لا إله إلا الله" فإنه يلزم منه أن يكون الأربع خمسًا، وإنما هو عطف على قوله: "وأمرهم بأربع" فيكون مضافًا إلى الأربع، لا واحدًا منها، وإن كان واحدا من مطلق شعب الإيمان, وحسن أن يقرأ: وأن يؤدوا بياء المغايبة، ويجوز بتاء المخاطبة ... فافهم ذلك وتدبره تجده إن شاء الله تعالى مما هدانا سبحانه لِحَلِّه من العقد والعضل والله أعلم. أهـ صيانة صحيح مسلم. وينظر فتح الباري للحافظ ابن حجر ١/ ١٦١ - ١٦٣.
(٢) رواه البخاري ٤/ ١٥٨٨ ومسلم ١/ ٤٧.