مشعر بسلامة المذنب عن العقوبة ولا كذلك في الصبور، وما من أسم من الأسماء التي في هذا الحديث إلا وقد ورد به الكتاب أو السنة الصحيحة على صيغته في هذا الحديث غير الصبور، فإنه وجد في الحديث الصحيح على ما يدل على معناه، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا أحد غير أصبر على أذى يسمعه من الله)، فأما لفظ الصبور فلم نجده إلا في حديث أبي هريرة هذا وهو حديث غريب وهو غير
موجب للعلم، لكونه من جملة الآحاد، إلا أن العلماء قد عولوا فيها على ما وجدوه في كتاب الله تعالى أو في السنن الصحاح، فإن قيل: إنا نجد في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله أسماء في هذا الحديث، ومما دل عليه الكتاب: الرب، المولى، البصير، المحيط، الفاطر، الكافي، العلام، المليك، ذو الطول، ذو المعارج، ومما وردت به السنة: الحنان، المنان، الدائم، الجميل، فهي [....] غير منحصرة في تسعة وتسعين.
فما وجه قوله:(إن لله تسعة وتسعين اسماً)؟ قلنا: قد علمنا بما ذكرتم من الأسماء، وبما ورد على منوالها في كتاب أو سنة وبما ثبت من المأثور الدال على أن في أسماء الله ما استأثر هو بعلمه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرد بقوله:(إن لله (١٩٠ /أ) تسعة وتسعين اسماً) الحصر ونفي ما يزيد عليها، بل أراد تخصيصها بالذكر لكونها أشهر لفظاً، وأظهر معنى.
وقد جمع من أصحاب المعاني: إن هذا الحديث قضية واحدة، فقوله:(من أحصاها دخل الجنة) ليس بمنفصل عن قوله: (إن لله تسعة وتسعين اسماً) بل هو واقع موقع الوصف [حتى] الأسماء المعدودة، فلا يتم الكلام في الفصل الأول إلا مرتبطاً بالفصل الآخر، ونظير ذلك قول القائل: إن لفلان ألف شاة أعدها للأضياف فلا يدل على أنه لا يملك غيرها.
ومن باب ثواب التسبيح والتحميد والتهليل
(من الصحاح)
[١٥٧٨] حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أفضل الكلام أربع .... الحديث)، فإن قيل: قوله: (أفضل الكلام) هل هو متناول لكلام الله أم لا؟ قلنا: يحتمل الوجهين،