قال القاضي: فتبين بهذِه الأحاديث أن الصور ممنوعة على العموم، ثمَّ جاء: "إلا ما كان رقما في ثوب"، فخص من جملة الصور، ثمَّ بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة في الثوب المصور: "أخريه عني، فإني كلما رأيته ذكرت الدنيا" فثبتت الكراهة فيه. ثمَّ منع النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة من استخدام الثوب المصور، ثمَّ بقطعها لها وسادتين حتى تغيرت الصورة وخرجت عن هيئتها بأن جواز ذلك إذا لم تكن الصورة فيه متصلة الهيئة، ولو كانت متصلة الهيئة لم يجز لقولها في النمرقة المصورة: اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسدها، فمنع منه وتوعد عليه، وتبين بحديث الصلاة إلى الصورة أن ذلك كان جائزا في الرقم في الثوب، ثمَّ نسخه المنع، فهكذا استقر فيه الأمر. والله أعلم. وقد استثني من هذا الباب لشعب البنات؛ لما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي تزوجها وهي بنت سبع سنين، وزفت إليه وهي بنت تسع ولعبها معها، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة سنة. وعنها أيضاً قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل ينقمعن منه فيسربهن إلى فيلعبن معي. خرجهما مسلم. قال العلماء: وذلك للضرورة إلى ذلك وحاجة البنات حتى يتدربن علي تربية أولادهن. ثمَّ إنه لا بقاء لذلك، وكذلك ما يصنع من الحلاوة أو من العجين لا بقاء له، فرخص في ذاك، والله أعلم. انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي ١١/ ١٦٠٠ - ١٦٠٢، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٤/ ٢٧٣. (١) سقطت من (م).