للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مَنْ فِي السَّمَاءِ} (الملك: الآيتان ١٥-١٦) .؛ لأن " في " هنا بمعنى " على " والدليل على ذلك كثير وكثير جدًّا؛ فمن ذلك: الحديث السابق المتدَاول بين ألسنة الناس، وهو بمجموع طرقه -والحمد لله - صحيح، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «ارحموا من في الأرض» لا يعني الحشرات والديدان التي هي في داخل الأرض! وإنما من على الأرض؛ من إنسان وحيوان، وهذا مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم: " ... «يرحمكم من في السماء» ، أي: على السماء، فمثل هذا التفصيل لا بد للمستجيبين لدعوة الحق أن يكونوا على بينة منه، ويُقَرِّب هذا: حديثُ الجارية وهي راعية غنم، وهو مشهور معروف، وإنما أذكر الشاهد منه؛ حينما سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أين الله؟ " قالت له: في السماء" (١) لو سألت اليوم كبار شيوخ الأزهر - مثلا - أين الله؟ لقالوا لك: في كل مكان! بينما الجارية أجابت بأنه في السماء، وأقرها النبي صلى الله عليه وسلم، لماذا؟ لأنها أجابت على الفطرة، وكانت تعيش بما يمكن أن نسميه بتعبيرنا العصري (بيئة سلفية) لم تتلوث بأي بيئة سيئة - بالتعبير العام -؛ لأنها تخرجت كما يقولون اليوم - من مدرسة الرسول صلى


(١) حديث صحيح: رواه مسلم (٥٣٧) ، وأبو داود (٩٣٠) ، والنسائي (١ / ١٤- ١٨) ، من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه.

<<  <   >  >>