قدحي. فتراجعت مع الراجعين، وتوليت عنه حتى حين. فمكثت هنيهة أترقبه، ثم انبعثت أتعقبه. حتى انتهى إلى دسكرةٍ في الطريق، بجانب العقيق. فنزل عن الحجر. واعتزل إلى حجرة، وافترش اريكته في ظل حجرة. فاعتسفت إليه من بعض الجوانب، وكمنت له كالضاغب. وإذا به قد احتجر دستجة من الراح، كزجاجة فيها مصباح. وأخذ يتعاطى الأقداح، ويغازل تلك الخود الرداح. فلما لعبت بعطفيه الشمول، مال على أحد جانبيه وأنشأ يقول:
سقى الغمام ترب ذاك القبر ... فقد سقاني من لذيذ الخمر
ما لم أذق نظيره في العمر ... أفادني في اليوم قبل العصر
ما لست أستفيده في الشهر ... وإن أكن ركبت إثم السكر
فقد أفدت القوم عند الذكر ... مواعظاً تلين صلد الصخر