وفثأوا ما جاش من جواه. وقالوا: جمع الله شملك فأين خلفت أهلك؟ قال: قد خلفت الجربة، في الشربة، لا يملكون حبة. وهم ينتظرون إيابي على الأثر، كما تنتظر الأرض وسمي المطر. فجمعوا له قبصة من العين، وقبضة من اللجين. وقالوا: إن الكريم أولى بالكرم، قال: نعم، وأهل الحرمة يرعون الحرم، قال سهيل: وكنت قد عرفت أنه الخزامي عند نظري إليه، لكنني أنكرت اغبرار عارضيه. فلما فصلنا عن المكان قلت: حيا الله أبا ليلى! قال: وميمون يفدي سهيلا! قلت: عهدي بك شيخاً فكيف رجعت كهيلا؟ فأنشد:
لا تنكرن ما ترى من الشمط ... إن السواد والبياض إذ وخط
من طرف الأمور فاخترت الوسط
فانعكفت عليه انعكاف المغرم الكلف واعتنقته اعتناق السلام للألف. فأخذ يسايرني على رسله، حتى انتهى بي إلى رحله. وأقمت