دفعت إلى ضريح أبي العلاء، وإذا حوله جماعةٌ من الفضلاء. وهم يحدقون إلى شيخٍ عليه شارة الجلال كأنه من بقية الأبدال. فجعلت أخترق الجمع وأسترق السمع. وإذا هو قد بسط ذراعيه، وخلل عذاريه. وقال: الحمد لله الذي جعل الحياة الدنيا، طريقاً إلى جنته العليا. أما بعد يا أهل الكتاب، أفتعلمون ما تحت هذا التراب؟ إن تحته رمم الأمراء والكبراء والعلماء والعظماء. وذوي الجاه والسطوة وأرباب السعة والثروة. وذوات الحسن والجمال، وربات الفضل والكمال. فإذا رفعتم هذه الرضام، واستنبثتم هذا الرغام. فهل لكم أن تمسوا تلك الجماجم، بإحدى البراجم؟ أو تتأملوا تلك الضلوع بقلبٍ لا يخامره الهلوع أو تنظروا بقايا تلك الأعضاء، بعين لا يغلبها الإغضاء؟ وهل تعرفون المالك من المملوك والغني من الصعلوك؟ والبهيج من المسيج؟ والكريم من اللثم؟ وهل