للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكبائر. والرحمة للمردة الأشرار، كالجور على العبدة الأبرار. ورفع منزلة اللئام، كخفض شأن الكرام. ورزق من ليس مستحقاً، كحرمان من يستحق رزقاً. واعتبر أن الرعايا من الإنسان، ليست كالرعايا من سائر الحيوان. فاجتهد في سياستهم بخيلك ورجلك، واعتقد أنك قد خلقت لأجلهم وهم لم يخلقوا لأجلك. ولا تحسب أن الإنسان يترك سدى، ولن يحاسب غداً والسلام على من اتبع الهدى. فارقم هذه الوصايا على صفحات قلبك واكتب بها إلى أقرانك وصحبك. وأنا زعيم لك بقرة العين، والسعادة في الدارين. قال: فلما سمع الوالي هذه النصائح استجادها واستحلاها ثم استعادها واستملاها. وأمر بتوزيعها في اشتات الجوانب، على كل عاملٍ ونائب. ثم أمر للشيخ بخلعة صوفية، ودنانير كوفية. وقال: اذهب الآن بهذه الجدوى ولا تكن كبارح الأروى. قال سهيلٌ: فلما خرجنا من مجلس الدهقان، وأتينا منزلنا بالخان. جعلت أحمد الله على تلك الهداية، وأغبط الشيخ على حسن النهاية. فضحك بي كالساخر، وقال: ما أشبه الأول بالآخر. ثم أنشد:

علمت أني من رجال الدهر ... أنظر في أمري بعين الفكر

متى فشا ذكري وشاع مكري ... غالطت من يدري كمن لا يدري

<<  <   >  >>