الهجم والنوفلة. فجلسنا نلتهم ما حضر، حتى لم نبق ولم نذر. وبينما فرغنا إذ تراءى لنا شبيح، وهو ينشد من وراء الحجاب بصوت بديح:
كم بطل مدجج غلاب ... قهرته بأسمر صلاب
معتدل الأوصال والكعاب ... لا يعرف الطعان بالأعقاب
ظمآن لا يروى من الشراب ... سنانه أمضى من الشهاب
يخوض في الأحشاء والألباب ... وينفث السموم كالحباب
قال: فأوجسنا خيفة في أنفسنا، وتواصينا بالحرس على معرسنا وبتنا نراعي الجمال والخيل إلى أن مضى ذهل من الليل. وإذا بالرجل يقول: يا غلام ادن مني وخذ الأدب عني. ثم قال: يا بني عامل الناس ما استطعت بالإحسان، وكن بينهم عفيف الطرف واليد واللسان. وقابل النعمة بالشكر وأحي الجميل بالذكر. وحافظ على الصديق ولو في الحريق. وإياك الغيبة، فهي بئس الريبة.