أرياف البحر. وكان ذلك المشهد الميمون، حافلاً كالفلك المشحون. والناس قد برزوا أفواجاً وانتشروا أفراداً وأزواجاً. حتى إذا سكن اللجب وتميز اللباب من النجب. جلس المتأدبون منهم على أديم ذلك التراب، وأخذوا يتذاكرون في حقائق العربية ودقائق الإعراب. حتى إذا أوغلوا في تلك اللجج وأمعنوا في البراهين والحجج. طلع شيخ أعمش العين، أعنش اليدين. فمسح بيديه أطراف السبال، وأشار إلى القوم وقال: الحمد لله الذي جعل العربية أفصح اللغات، وجمع فيها أصول البراعات، وفصول البلاغات. أما بعد فاعلموا يا غرة أهل المدر وقرة أهل الوبر. أن هذه اللغة المستحسنة فريدة عقد الألسنة. وهي خلاصة الذهب الإبريز، التي بها ورد الكتاب العزيز. ولها الفنون العجيبة والشجون الغريبة. والألفاظ القائمة بين الجزل والرقيق، والاختصار المؤدي إلى المراد من أقرب