في نقض ما أبرم، وفاض كالسيل العرموم وهو يحرق الأرم. فانقادوا أذل من النقد، وقالوا: نعوذ بالله من شر النفاثات في العقد. ثم قالوا: إنا لنراك غزير السيل، لكنك قصير الذيل يسير النيل. فخذ هذه النفقة، على سبيل الصداقة لا الصدقة. وقد انتهينا عن الصلف، إلى الكلف، فاغفر لنا ما قد سلف. فأبدى الثناء الجميل وأسدى الشكر الجزيل. وانقلب مفتخراً بما فاز، ومغتبطاً بما حاز. قال: فلما أتينا المدينة انحدر عن المطا، ودخل بي إلى مثل أفحوص القطا. فبت معه ليلة أشهى من عصر الصبا. حتى إذا أصبحنا ثار بين النفير، كالعنقفير، وأخذ في التشمير، للمسير. وقال: إني منصرف إلى بلدة أخرى، فإن شئت أن تؤوب إلى أهلك فهو الأحرى. فودعته وداع الهائم المشتاق، وسرت وأنا أحدو بذكره النياق.