قال: فلما رأى القوم سقم هذه الألفاظ، وما أدت إليه من المعاني الفظاظ. تعوذوا بالله من سوء تلك اللثغة، وقالوا: ما هذا الغلام الذي لا يشترى بفشغة؟ فتبرم الشيخ وتأفف وتأوه وتسف. وقال: قد علمتم أن عثار اللسان شر من عثار القدم، ولكن ماذا ينفع الندم؟ وإنني طالما حدثت نفسي بعتاقه، وهممت بانعتاقي من وثاقه. ولو وجدت لي عنه غنى أو كان في يدي سعة من الغنى. لبعته بنصف القيمة، واشتريت غيره بضعف السيمة. ولكن قد انقطع السلى، فلا حول ولا. فأجهش الفتى عن كثب، وأخذ رقعة وكتب:
هبوا خطأ اللسان علي عيباً ... أما لي غيره شيء يصيب
أنا ابن اقعد وقم لا في الندامى ... أعد ولا سمير أو خطيب