وهما مُوسِرانِ، فعَلَّلَه النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بنُصْرَةِ بنِى المُطَّلِبِ دُونَهم، وكَوْنِهم مع بَنى هاشمٍ كالشَّئِ الواحِدِ، ولو كان اليَسارُ مانِعًا والفَقْرُ شَرْطًا، لم يَطْلُبا مع عَدَمِه، ولعَلَّلَ النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَنْعَهما بيَسارِهما وانْتِفاءِ فَقْرِهما.
فصل: ويُفَرَّقُ فيهم حيث كانوا، ويَجِبُ تَعْمِيمُهم به حَسَبَ الإِمْكانِ. وهذا قولُ الشافعىِّ. وقال قَوْمٌ: يَخْتَصُّ أهْلُ كلِّ ناحيةٍ بخُمْسِ مَغْزاها الذى ليس لهم مَغْزًى سِواه، فما يُوجَدُ مِن مَغْزَى الرُّومِ، لأهْلِ الشامِ والعِراقِ، وما يُوجَدُ مِن مَغْزَى التُّرْكِ، لمَن في خُراسانَ مِن ذَوِى القُرْبَى؛ لِما يَلْحَقُ مِن المَشَقَّةِ في نَقْلِه، ولأنَّه يَتَعَذَّرُ تَعْمِيمُهم، فلم يَجِبْ، كأصْنافِ الزَّكاةِ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّه سَهْمٌ مُسْتَحَقٌّ بقَرابَةِ الأبِ، فوَجَبَ دَفْعُه إلى كلِّ المُسْتَحِقِّين، كالمِيراثِ. فعلى هذا، يَبْعَثُ الإِمامُ إلى عُمّالِه في الأقالِيم، ويَنْظُرُكم حَصَل مِن ذلك، فإنِ اسْتَوَتْ فيه، فَرَّقَ كلَّ خُمْسٍ في مَن قارَبَه، وإنِ اخْتَلَفَتْ، أمَرَ بحَمْلِ الفَضْلِ لِيُدْفَعَ إلى مُسْتَحِقِّه، كالمِيراثِ. وفارَقَ الصَّدَقَةَ، حيثُ لا تُنْقَلُ؛ لأنَّ كلَّ بَلَدٍ لا يَكادُ يَخْلُو مِن صَدَقَةٍ تُفَرَّقُ على فُقراءِ أهْلِه، والخُمْسُ يُوجَدُ في بعضِ الأقالِيمِ،