للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي زمنهم لَزِمَهُم وأممهم الْإِيمَان ونصرته كَمَا أَخذ الله عَلَيْهِم الْمِيثَاق بذلك مَعَ بقائهم على نبوتهم ورسالتهم إِلَى أممهم فنبوّته إِلَيْهِم ورسالته إِلَيْهِم معنى حَاصِل لَهُ، وَإِنَّمَا أمره يتَوَقَّف على اجْتِمَاعهم مَعَه فَتَأَخر ذَلِك الْأَمر رَاجع إِلَى وجودهم لَا لعدم اتصافه بِمَا يَقْتَضِيهِ فنبوّته ورسالته أَعم وَأعظم وشريعته مُوَافقَة لشريعتهم فِي الْأُصُول لِأَنَّهَا لَا تخْتَلف، وَتقدم شَرِيعَته فِيمَا عساه يَقع الِاخْتِلَاف فِيهِ من الْفُرُوع أما على سَبِيل التَّخْصِيص أَو النّسخ أَو أَولا وَلَا بل تكون شَرِيعَته فِي تِلْكَ الْأَوْقَات بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُولَئِكَ الْأُمَم مَا جَاءَت بِهِ أنبياءهم. وَفِي هَذَا الْوَقْت بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذِه الْأمة هَذِه الشَّرِيعَة وَالْأَحْكَام تخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْخَاص والأوقات انْتهى حَاصِل كَلَام السُّبْكِيّ، وَإِذا تقرر أَنه نَبِي الْأَنْبِيَاء وَرَسُول إِلَيْهِم، وَقد قَامَت الْأَدِلَّة على أَن الْأَنْبِيَاء أفضل من الْمَلَائِكَة لزم أَن يكون مُرْسلا للْمَلَائكَة وَأَن يَكُونُوا من جملَة أَتْبَاعه بطرِيق الأولى وَمِنْهَا اخْتِصَاصه على سَائِر الْأَنْبِيَاء بِأُمُور من الْمَلَائِكَة كقتالهم مَعَه ومشيهم خلف ظَهره إِذا مَشى الدَّال على أَنهم من جملَة أَتْبَاعه وداخلون فِي شَرعه وتأييده كَمَا فِي الحَدِيث بأَرْبعَة زراء اثْنَيْنِ من أهل السَّمَاء واثنين من أهل الأَرْض، فاللذان من أهل السَّمَاء جِبْرِيل وَمِيكَائِيل واللذان من أهل الأَرْض أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا، والوزير من أَتبَاع الْملك ضَرُورَة فجبريل وَمِيكَائِيل رُؤَسَاء أهل مِلَّته من الْمَلَائِكَة كَمَا أَن أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا رُؤَسَاء مِلَّته من بني آدم، وصلاتهم عَلَيْهِ بعد مَوته بأسرهم لم يتَخَلَّف مِنْهُم أحد وحضورهم لأمته إِذْ قَاتلُوا فِي سَبِيل الله لنصرة دينه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَحُضُور جِبْرِيل موت أمته ليطرد عَنْهُم الشَّيْطَان حينئذٍ، ونزولهم كل لَيْلَة قدر عَلَيْهِم وسلامهم عَلَيْهِم وأعطاؤهم قِرَاءَة سُورَة الْفَاتِحَة من كِتَابه مَعَ حرصهم على سَماع بَقِيَّة الْقُرْآن من الْإِنْس وَلم يرد ذَلِك لشَيْء من الْكتب، ونزول إسْرَافيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَلم ينزل إِلَى الأَرْض قبل ذَلِك وَلَا بعده واستئذان ملك الْمَوْت عَلَيْهِ دون غَيره، وَقيام ملك على قَبره المكرم ليبلغه صَلَاة الْمُصَلِّين عَلَيْهِ، وَأَنه ينزل على قَبره الشريف كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك يحفونَ بِهِ ويضربونه بأجنحتهم وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَيصلونَ عَلَيْهِ إِلَى أَن يمسوا، فَإِذا أَمْسوا عرجوا وَهَبَطَ سَبْعُونَ ألف ملك كَذَلِك حَتَّى يصبحوا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة خرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سبعين ألف ملك أخرجه ابْن المبابك عَن كَعْب.

٢٢١ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ عَن النِّسَاء يرين الله فِي الْموقف كالرجال؟ فَأجَاب بقوله: نعم، بل قَالَ جمع من أهل السّنة أَنَّهَا تحصل لِلْمُنَافِقين فِي الْموقف، وَجمع أَنَّهَا تحصل للْكَافِرِينَ، ثمَّ يحجبون عَنهُ، وَأما الرُّؤْيَة فِي الْجنَّة، فأجمع أهل السّنة أَنَّهَا حَاصِلَة للأنبياء وَالرسل وَالصديقين من كل أمة وَرِجَال الْمُؤمنِينَ من الْبشر من هَذِه الْأمة، وَاخْتلف فِي نسَاء هَذِه الْأمة، فَقيل لَا يرين لِأَنَّهُنَّ مقصورات فِي الْخيام، وَلم يرد تَصْرِيح برؤيتهن، وَقيل: يرين لعُمُوم النُّصُوص، وَقيل: يرين فِي مثل أَيَّام الأعياء الَّتِي كَانَت فِي الدُّنْيَا كَيَوْم الْجُمُعَة، فَإِن التجلي فِيهَا عَام، وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة رأى الْمُؤْمِنُونَ رَبهم عز وَجل وَفِيه، وَيَرَاهُ الْمُؤْمِنَات يَوْم الْفطر والأضحى.

٢٢٢ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: هَل الْمَلَائِكَة يرَوْنَ الله تَعَالَى؟ فَأجَاب بقوله: ذكر الشَّيْخ عز الدّين بن عبد السَّلَام أَنهم لَا يرونه، وَأطَال فِي ذَلِك الِاسْتِدْلَال لَهُ، وَتَبعهُ جمَاعَة ورد بِنَصّ أَمَام أهل السّنة الشَّيْخ أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ على أَنهم يرونه ذكره فِي كِتَابه الْإِبَانَة فِي أصُول الدّيانَة، وَتَبعهُ الْبَيْهَقِيّ وَأخرجه بِسَنَدِهِ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ وَعَن صَحَابِيّ غَيره، وَجرى عَلَيْهِ ابْن الْقيم، والجلال البُلْقِينِيّ، وَفِي حَدِيث صَححهُ الْحَاكِم أَن جِبْرِيل مَا رأى ربه قطّ قبل سُجُود النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين يَدي رَبًّا فِي الْموقف، وَلَا يلْزم مِنْهُ عدم رُؤْيَته بعد ذَلِك، وَلَا عدم رُؤْيَة غَيره من بَقِيَّة الْمَلَائِكَة وَالْقَوْل بتخصيص رُؤْيَة جِبْرِيل سَاقِط. قَالَ الْجلَال البُلْقِينِيّ: وَإِذا قَالَ ابْن عبد السَّلَام أَن الْمَلَائِكَة لَا يرَوْنَ، فالجن أولى، وَقد يتَوَقَّف فِي الْأَوْلَوِيَّة لِأَن الْإِيمَان فِي عرف الشَّرْع يَشْمَل مؤمني الثقلَيْن، ثمَّ قرر ثُبُوت الرُّؤْيَة للْمَلَائكَة، ثمَّ قَالَ: وعَلى مُقْتَضى اسْتِدْلَال الْأَئِمَّة ثُبُوت الرُّؤْيَة لمؤمني الْجِنّ.

٢٢٣ - وَسُئِلَ نفع الله بِهِ: عَن مؤمني الْأُمَم السَّابِقَة هَل يرَوْنَ الله كهذه الْأمة أَو لَا؟ فَأجَاب: بقوله فيهم احْتِمَالَانِ: لِابْنِ أبي جَمْرَة الْمَالِكِي وَقَالَ الْأَظْهر مساواتهم لهَذِهِ الْأمة فِي الرُّؤْيَة، وَمِمَّا يُؤَيّد ذَلِك الحَدِيث الصَّحِيح خلافًا لمن وهم فِيهِ أَن الله يتجلى لِلْخَلَائِقِ عَامَّة، وَفِي رِوَايَة للنَّاس، ويتجلى لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ خَاصَّة) ، وَفِي رِوَايَة الْخَلَائق تأييد للراجح أَن الْمَلَائِكَة يرَوْنَ، وَكَذَا الْجِنّ وَالنِّسَاء إِلَّا أَن تكون الرُّؤْيَة فِي الْموقف، فَإِنَّهَا شَامِلَة

<<  <   >  >>