للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْمَلَائِكَة} أَي أَمر الله وَيدل على هَذَا الْمَحْذُوف قَوْله تَعَالَى {وَكَانَ عَرْشه على المَاء} وَحكى عَن بَعضهم فِي عمى مَقْصُور وَهُوَ كل أَمر لَا يُدْرِكهُ الفطن قَالَ الْأَزْهَرِي قَالَ أَبُو عبيد إِنَّمَا تأولنا هَذَا الحَدِيث على كَلَام الْعَرَب الْمَعْقُول مِنْهُم وَإِلَّا فَلَا نَدْرِي كَيفَ كَانَ ذَلِك العماء قَالَ الْأَزْهَرِي فَنحْن نؤمن بِهِ وَلَا نكيف بِصفة وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي بحره عِنْد تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {وَكَانَ عَرْشه على المَاء} وَالظَّاهِر أَن قَوْله {وَكَأن عَرْشه على المَاء} تَقْدِيره قبل خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَفِي هَذَا دَلِيل على أَن المَاء وَالْعرش كَانَا مخلوقين قبل قَالَ كَعْب خلق الله ياقوتة خضراء فَنظر إِلَيْهَا بالهيبة فَصَارَت مَاء ثمَّ خلق الرّيح فَجعل المَاء على منتهاه ثمَّ وضع الْعَرْش على المَاء وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قيل لَهُ على أَي شَيْء كَانَ المَاء قَالَ على متن الرّيح قَالَ الْبَيْضَاوِيّ وَكَانَ عَرْشه على المَاء قبل خلقهما أَي السَّمَاء وَالْأَرْض لم يكن حَائِل بَينهمَا إِلَّا أَنه كَانَ مَوْضُوعا على متن المَاء وَاسْتدلَّ بِهِ على إِمْكَان الْخَلَاء وَأَن المَاء أول حَادث بعد الْعَرْش من أجرام هَذَا الْعَالم وَقيل كَانَ المَاء على متن الرّيح وَالله أعلم بذلك إِذا تقرر ذَلِك فَلفظ الحَدِيث وَلم يكن قبله شَيْء خلافًا لما فِي السُّؤَال على أَنه لَو فرض أَن ذَلِك ورد أَيْضا لم يكن فِيهِ إِشْكَال مَعَ قَوْله وَكَانَ عَرْشه على المَاء لِأَن مَعْنَاهُ وَلم يكن مَعَه شَيْء أَي فِي أزله وَأما بعد أَن أوجد بعض خلقه فَكَانَ الْعَرْش حِينَئِذٍ على المَاء فَقَوْل السَّائِل وَالْحَال أَن عَرْشه مَعَه إِن أَرَادَ أَنه كَانَ مَعَه فِي الْأَزَل فَبَاطِل وَإِن أَرَادَ أَنه كَانَ مَعَه فِيمَا لَا يزَال فَصَحِيح فَحِينَئِذٍ هُوَ لَا يُنَافِي الحَدِيث الَّذِي ذكره كَمَا لَا يخفى ذَلِك على ذِي بَصِيرَة وَالله أعلم بِالصَّوَابِ (وَسُئِلَ) رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَنا مَدِينَة الْعلم وَأَبُو بكر أساسها وَعمر حيطانها وَعُثْمَان سقفها وعَلى بَابهَا هَل الحَدِيث صَحِيح أم لَا (فَأجَاب) بقوله الحَدِيث رَوَاهُ صَاحب مُسْند الفردوس وَتَبعهُ ابْنه بِالْإِسْنَادِ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف كَحَدِيث أَنا مَدِينَة الْعلم وعَلى بَابهَا وَمُعَاوِيَة حلقها فَهُوَ ضَعِيف أَيْضا وَأما حَدِيث أَنا مَدِينَة الْعلم وعَلى بَابهَا فَهُوَ حَدِيث حسن بل قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وَقَول البُخَارِيّ لَيْسَ لَهُ وَجه صَحِيح وَالتِّرْمِذِيّ مُنكر وَابْن معِين كذب معترض وَإِن ذكره ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَتَبعهُ الذَّهَبِيّ وَغَيره على ذَلِك وَلَيْسَ مقتضيا لافضليته على أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُم فقد صَحَّ عَنهُ أَي عَن على نَفسه خير النَّاس بعد النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ رجل آخر فَقَالَ لَهُ ابْنه مُحَمَّد رَضِي الله عَنْهُمَا ثمَّ أَنْت يَا أَبَت فَقَالَ مَا أَبوك إِلَّا رجل من الْمُسلمين وَمن ثمَّة أجمع أهل السّنة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمن بعدهمْ على أَن أفضل الصَّحَابَة على الْإِطْلَاق أَبُو بكر ثمَّ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم (وَسُئِلَ) رَضِي الله عَنهُ فِي قَول سيد الْمُرْسلين - صلى الله عليه وسلم - فِيمَن أَزَال عَنهُ أَذَى مسح الله عَنْك مَا تكره هَل لفظ مسح بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَو الْمُهْملَة أوضحُوا ذَلِك أثابكم الله الْجنَّة بمنه (فَأجَاب) بقوله مسح يَصح أَن يكون بِالْحَاء الْمُهْملَة والمعجمة إِذْ الأول بِمَعْنى محا أَو قطع أَو أذهب وكل مِنْهَا صَحِيح والمتبادر من الْمسْح حَقِيقَته الشائعة وَهِي تَحْويل الصُّورَة لأقبح مِنْهَا والْحَدِيث فِي أذكار النَّوَوِيّ عَن كتاب ابْن السّني وَلَفظه أَن أَبَا أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ تنَاول من لحية رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أَذَى فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح الله عَنْك يَا أَبَا أَيُّوب مَا تكره وَفِي رِوَايَة أَنه أَخذ عَن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - شيأ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - لَا يكن بك السوء يَا أَبَا أَيُّوب مرَّتَيْنِ (وَسُئِلَ) رَضِي الله عَنهُ ونفعنا بِهِ عَمَّا فِي الْإِحْيَاء من حَدِيث لعن الْمُؤمن كقتله قَالَ فِي الصَّحِيح مُتَّفق عَلَيْهِ فَمَا معنى هَذَا الحَدِيث وَكَيف لعن الْمُؤمن الْمَذْكُور (فَأجَاب) بقوله أَن معنى لعن الْمُؤمن كقتله أَي مثله فِي الْحُرْمَة الشَّدِيدَة لِأَن لعن الْمُسلم حرَام بل لعن الْكَافِر الْغَيْر الْحَرْبِيّ كَذَلِك بل لعن الْحَيَوَان كَذَلِك وَسبب ذَلِك أَن اللَّعْن عبارَة عَن الطَّرْد والإبعاد عَن الله وَذَلِكَ غير جَائِز الْأَعْلَى من اتّصف بِصفة تبعده عَن الله تَعَالَى وَهُوَ الْكفْر والبدعة وَالْفِسْق فَيجوز لعن المتصف بِوَاحِدَة من هَذِه بِاعْتِبَار الْوَصْف الْأَعَمّ نَحْو لعنة الله على الْكَافرين والمبتدعة والفسقة أَو الْوَصْف الْأَخَص نَحْو لعن الله الْيَهُود والخوارج والقدرية وَالرَّوَافِض والزنادقة والظلمة وآكل الرِّبَا وَأما لعن شخص بِعَيْنِه فَإِن كَانَ حَيا لم يجز مُطلقًا إِلَّا أَن علم أَنه يَمُوت على الْكفْر كإبليس وَذَلِكَ كمن لم يعلم مَوته على الْكفْر وَإِن كَانَ كَافِرًا فِي الْحَال لِأَنَّهُ رُبمَا يسلم فَيَمُوت مقربا عِنْد الله تَعَالَى فَكيف يحكم بِكَوْنِهِ

<<  <   >  >>