للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَن الْوَلِيّ عِبَارَات تشعر بالحلول أَو الِاتِّحَاد لقُصُور الْعبارَة عَن بَيَان تِلْكَ الْحَال وَبعد الْكَشْف عَنْهَا بالمثال قَالَ وَنحن على سَاحل التَّمَنِّي نغترف من بَحر التَّوْحِيد بِقدر الْإِمْكَان ونعترف أَن طَرِيق الفناء فِيهِ العيان دون الْبُرْهَان قَالَ وَهنا مَذْهَب ثَان يُوهم ذَلِك وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْضا وَهُوَ أَن الْوَاجِب هُوَ الْوُجُود الْمُطلق وَهُوَ وَاحِدَة لَا كَثْرَة فِيهِ أصلا وَإِنَّمَا الْكَثْرَة فِي الإضافات والتعينات الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَة الخيال والسراب إِذْ الْكل فِي الْحَقِيقَة وَاحِد يتَكَرَّر على مظَاهر لَا بطرِيق المخالطة ويتكثر فِي البواطن لَا بطرِيق الانقسام فَلَا حُلُول هُنَا وَلَا اتِّحَاد لعدم الاثنينية والغيرية انْتهى كَلَام السعد رَحمَه الله تَعَالَى وَبِه يعلم أَن مَا يَقع من كَلِمَات الْقَوْم لَا سِيمَا ابْن عَرَبِيّ وَابْن الفارض وأتباعهما رَحِمهم الله تَعَالَى ونفع بهم فِي حضرات التَّوْحِيد منزل على مَا ذكره السعد رَحمَه الله ولبعض أَئِمَّة الْمُتَأَخِّرين من تلامذة مَوْلَانَا عبد الرَّحْمَن الجامي الْمَشْهُور فِي كِتَابه الَّذِي سَمَّاهُ المتمم بِهِ مَا كنى بِهِ عَن نُسْخَة النفحات وَهُوَ مَوْلَانَا عَلَاء الدّين مُحَمَّد بن الْمُؤمن الإبيبزي بتحتانية ممدودة وَكسر بَاء مُوَحدَة تَحْتَانِيَّة وزاي من أجل تلامذة مَوْلَانَا سعد الدّين الكازورى من أجل أساتذة الطَّرِيقَة الْعلية السالمة من كدورات جهلة الصُّوفِيَّة وَهِي طَريقَة النقشبندية أَنه قَالَ فِي الريحانة الثَّانِيَة مِنْهُ رَيْحَانَة ذكر الاباه معنى لَا إِلَه إِلَّا الله أَن الذّكر ثَلَاث مراقب فِي السلوك فَفِي الأولى يقدر لَا معبود إِلَّا الله وَفِي الثَّانِيَة الَّتِي هِيَ مرتبَة السّير إِلَى الله يقدر لَا مَقْصُود إِلَّا الله وَفِي الْمرتبَة الثَّالِثَة وَهِي السّير فِي الله وَهِي مقَام المنتهين يقدر لَا مَوْجُود إِلَّا الله فَهُوَ مَا لم ينْتَه السالك فِي السّير فِي الله وَذكر لَا مَوْجُود إِلَّا الله فَهُوَ كفر صَرِيح أَي رُبمَا أدّى إِلَيْهِ كَمَا لَا يخفى فَأَطْلقهُ مُبَالغَة فِي الزّجر والتنفير لمن يدعى هَذِه الْمرتبَة بِالْبَاطِلِ فَتَأَمّله ووفاة صَاحب الريحانة سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة ووفاة عَلَاء الدّين سنة اثْنَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة ووفاة الكازورى سنة سِتِّينَ وَثَمَانمِائَة فاحذر من الْإِنْكَار فَإِنَّهُ يُوقع الْمُنكر فِي العثار وَكن محسن الإعتقاد على غَايَة من الازدياد فَإِن الْمُنكر محروم والمتعنت مَذْمُوم وَالْحق أَحَق أَن يتبع وَالْبَاطِل عَن هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة قد انْدفع أدخلنا الله تَحت أَلْوِيَتهم الطاهرة من الريب الظَّاهِرَة على سَائِر الرتب فإننا نعتقدهم ونحبهم وَمن أحب قوما فَهُوَ يحْشر مَعَهم (وَسُئِلَ) نفع الله بِهِ بِمَا لَفظه مَا تَقولُونَ فِي ابْن عَرَبِيّ هَل هُوَ على طَريقَة الْهدى أم نهج الردى وَهل صَحَّ تكفيره أَو لَا وَهل قَالَ أحد أَنه على الصَّوَاب أَو لَا أوضحُوا الْجَواب وأوضحوا لنا حَاله فَإِنَّهُ تكاثرت الْأَقْوَال فِيهِ وَلم ندر الصَّحِيح من السقيم (فَأجَاب) رَضِي الله عَنهُ بقوله الشَّيْخ محيي الدّين ابْن عَرَبِيّ رَحمَه الله وَرَضي عَنهُ إِمَام جمع بَين الْعلم وَالْعَمَل كَمَا اتّفق على ذَلِك من يعْتد بِهِ كَيفَ وَقد ذكر بعض المنكرين فِي تَرْجَمته أَنه كَانَ وصل لمرتبة الِاجْتِهَاد وَحِينَئِذٍ فإسلامه مُتَيَقن وَكَذَلِكَ علمه وَعَمله وزهادته وورعه ووصوله فِي الِاجْتِهَاد فِي الْعِبَادَة إِلَى مَا لم يصل إِلَيْهِ أكَابِر أهل الطَّرِيق وَإِذا تقرر أَن هَذَا كُله مَعْلُوم من حَاله فَالْأَصْل بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ إِلَى أَن مَاتَ فَلَا يجوز الْإِقْدَام على تنقيصه بِمُجَرَّد التهور والتخيلات الَّتِي لَا مُسْتَند لَهَا يعْتد بِهِ بل يستصحب مَا علم من إِسْلَامه ومعارفه وعلومه هَذَا مَا يتَعَلَّق بذلك وَأما الْكتب المنسوبة لَهُ فَالْحق أَنه وَاقع فِيهَا مَا يُنكر ظَاهره والمحققون من مَشَايِخنَا وَمن قبلهم على تَأْوِيل تِلْكَ المشكلات بِأَنَّهَا جَارِيَة على اصْطِلَاح الْقَوْم وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهَا ظواهرها قَالَ بعض الْمُحَقِّقين من مَشَايِخ مَشَايِخنَا مَعَ اعتقادي فِيهِ الْمعرفَة الْكُبْرَى والنزاهة الْعُظْمَى لَو رَأَيْته للمته وَقلت لَهُ قد أودعت فِي كتبك أَشْيَاء كَانَت سَببا لضلال كثيرين من الْجُهَّال بطريقتك واصطلاحك فَإِن أَكثر النَّاس لَيْسَ لَهُم من الْكَلَام إِلَّا ظَاهره وَظَاهر تِلْكَ الْكَلِمَات كفر صَرِيح ارتبك فِيهِ أَقوام اغتروا بكلامك وَلم يدروا أَنه جَار على اصطلاحك فليتك أخليت تِلْكَ الْكتب عَن الْكَلِمَات المشكلة انْتهى حَاصِل مَا قَالَه ذَلِك الْمُحَقق وَهُوَ كَلَام حسن وَإِن فرض أَن للشَّيْخ عذرا فِي ذكرهَا غيرَة على طريقتهم أَن ينتحلها الكذابون لِأَن هَذَا لَو فرض وُقُوعه كَانَ أخف مِمَّا ترَتّب على ذكر تِلْكَ الْكَلِمَات من زلل كثير بِسَبَبِهَا وَلَقَد رَأَيْت مِمَّن ضل بهَا من يُصَرح بمكفرات أجمع الْمُسلمُونَ على أَنَّهَا مكفرات وَمَعَ ذَلِك يعتقدها وينسبها لِابْنِ عَرَبِيّ وَلَقَد كذب فِي ذَلِك وافترى فَإِن ابْن عَرَبِيّ برِئ من ذَلِك بِاعْتِبَار مَا علم واستقرى من حَاله وَالْحَاصِل أَنه يتَعَيَّن على كل من أَرَادَ السَّلامَة لدينِهِ أَن لَا ينظر فِي تِلْكَ المشكلات وَلَا يعوّل عَلَيْهَا سَوَاء قُلْنَا أَن لَهَا بَاطِنا صَحِيحا أم لَا وَأَن لَا يعْتَقد فِي ابْن عَرَبِيّ

<<  <   >  >>