للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظفر ما لم يكن في حسابه ــ، فقال: بل هما (١) فلان وفلان خرجا في طلب حاجة لهما، ثم مكث قليلًا، ثم قام فدخل خِباءه وقال لخادمه: اخرجي بالفرس من وراء الخباء وموعدُكِ وراء الأكمة، ثم أخذ رُمْحَه وخَفَض عاليَه يخطُّ به الأرض حتى ركب فرسه، فلما قَرُب منهم وسمع قراءةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ــ وأبو بكر يُكثر الالتفات، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لا يلتفت ــ قال أبو بكر: يا رسول الله، هذا سراقة بن مالك قد رَهِقَنا، فدعا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فساخت يدا فرسه في الأرض، فقال: قد علمتُ أن الذي أصابني بدعائكما، فادعُوَا الله لي، ولكما عليَّ أن أرد الناس عنكما، فدعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأُطلِق، وسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب له كتابًا، فكتب له أبو بكر بأمره في أديم، وكان الكتاب معه إلى يوم فتح مكة، فجاءه بالكتاب فوفى له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: «يوم وفاءٍ وبِرّ».

وعرض عليهما الزاد والحُملان فقالا: لا حاجة لنا به ولكن عَمِّ عنا الطلبَ، فقال: قد كُفِيتم، ورجع فوجد الناس في الطلب فجعل يقول: قد استبرأت لكم الخبر، وقد كفيتم ما هاهنا؛ فكان أول النهار جاهدًا عليهما وآخرَه حارسًا لهما (٢).


(١) ص، ز، ج، ن: «هم»
(٢) أخرجه البخاري (٣٩٠٦، ٣٩١١) وابن إسحاق كما في «سيرة ابن هشام» (١/ ٤٨٩ - ٤٩٠) والواقدي كما في «طبقات ابن سعد» (١/ ١٤٨ - ١٤٩) والطبراني في «الكبير» (٧/ ١٣٤، ١٣٥ - برقم ٦٦٠٢، ٦٦٠٣)، كلهم من حديث سراقة بن مالك بنحوه، إلا أن سياق البخاري مختصر ليس فيه ذكر مجيئه بالكتاب يوم الفتح وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - له: «يوم وفاء وبر». وأخرج البخاري بعضَه بنحوه من حديث البراء بن عازب عن أبي بكر - رضي الله عنه - (٣٦١٥)، ومن حديث أنس (٣٩١١).