للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحواله. ولصاحبه المتحقق به الفعل بالهمة، وهو قوة الإيمان. والصادق اسم الله تعالى، ولهذا سألهم عن صدقهم: هل هو النعت الإلهي أم لا. فإن كان صدقًا فعلامته أن لا يغلبهم شيء ولا يقاومهم في حال صدقهم، فيكون الله كما كان سمعهم وبصرهم. وإن لم يكن بهذه المثابة فلا حقيقة لهم».

لم يفسّر الشارحان السابقان الآية التي افتتح بها الهروي منزلة الصدق، ولكن التلمساني قال بعد نقل الآية وتعريف الصدق: «فإذا عزم الأمرُ تحقَّق، فلو صدقوا الله في العزيمة على ما أمرهم به لكان خيرا لهم».

ثم تكلم على تعريف الصدق بقوله: «الشيخ رضي الله عنه لما رأى أن الصادق في الإخبار عن حاله هو الذي تمَّ له حصولُ الأمر ووجودُه جعل الصدقَ اسمًا لحصول الشيء بعينه ووجوده لما بينهما من القرب، وإلا فالصدقُ على معنيين: صدق في الخبر، وهو الذي ضدُّه الكذب. وصدقٌ هو تمام قوة الشيء كما تقول: رمحٌ صَدقُ الكعوب، أي صلب قوي، أو غير ذلك».

لاحَظَ التلمساني تسامح الهروي في تعريف الصدق، فوجَّهه أولا، ثم ذكر معنيين للصدق: ضد الكذب، وتمام قوة الشيء.

أما القاساني فنقل أولًا كلام التلمساني على الآية بنصه، ثم قال: «أصل الصدق هو الإخبار المطابق للواقع. ثم لما كان الصدق ينبئ عن حقيقة الشيء على ما أُخبر عنه وجودا نُقِل إلى كل حقيقة تمَّ لها كلُّ ما لها بالقوة، أي حصل لها وتحقَّق كلُّ ما هي به هي من الكمالات التي أمكنت لها، كأن آثارها وأحوالها تخبر أن كل ما ينبغي لها حتى يكون تلك الحقيقة بعينها حصل لها بالفعل، وهي صادقة. يقال: رمح صدوق (كذا) أي صلب قوي،

<<  <  ج: ص:  >  >>