للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: وقرأ بمكَّة "الصَّحيح" على كريمة (١) في خمسة أيام، وخَرَج من بغداد بعد فتنة البَسَاسِيري (٢) إلى الشَّام، سمِعْتُ الخطيب مسعود بن محمد بمرو، سمعت الفَضْل بن عمر النَّسَوي يقول: كنت بجامع صُور عند الخطيب، فدَخَلَ عليه عَلَويّ، وفي كُمِّه دنانير، فقال: هذا الذَّهَب تصرِفُهُ في مُهِمَّاتك. فقطَّبَ وقال: لا حاجة لي فيه. فقال: كأنك تَسْتَقلُّه. ونَفَضَ كُمَّه على سَجَّادة الخطيب، وقال: هي ثلاث مئة دينار. فخَجِلَ الخطيبُ وقام، وأخذ سَجَّادته، وراح فما أنسى عِزَّ خروجه وذُلَّ العَلَوي، وهو يجمع الدَّنانير (٣).

وقال أبو زكريا التِّبْرِيزي: كنت أقرأ على الخطيب بحَلْقَته بجامع دمشق كُتُب الأدب المسموعة له، وكنت أسكُن مَنَارة الجامع، فَصَعِدَ إليَّ وقال: أحببتُ أن أزورَك. فتحدَّثْنا ساعةً، ثم أخرج ورقة وقال: الهديةُ مُسْتَحبَّةٌ، اشترِ بهذه أقلامًا، وقام، فإذا خمسةُ دنانير. ثم صَعِدَ مَرَّة أُخرى ووضع نحوًا من ذلك. وكان إذا قرأ الحديث يُسْمَع صَوْتُه في آخر الجامع، وكان يقرأ معربًا صحيحًا. (٤)

وقال ابنُ شَافع: خَرَجَ الخطيبُ فقصد صور، وبها عِزّ الدَّوْلة أحد الأجواد، وتقرّب منه فانتفع به وأعطاه مالًا كثيرًا، انتهى إليه الحِفْظ والإِتقان، والقيام بعلُوم الحديث.


(١) كريمة بنت أحمد بن محمد المروزية، عالمة، صالحة، توفيت بمكة سنة (٤٦٣ هـ)، انظر "المنتظم": ٨/ ٢٧٠.
(٢) انظر "الكامل": ٩/ ٦٤٠ - ٦٥٠.
(٣) "معجم الأدباء": ٤/ ٣١ - ٣٢.
(٤) "معجم الأدباء": ٤/ ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>