للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: وله المؤلفات الغزيرة، وما أظن الزمان يسمح بمثلِه، كان متواضعًا، حَسَنَ الاعتقاد، ذا أناةٍ وحِلْم ووَقَار، وكان مجلسه معمورًا بالفُقهاء والمحدِّثين، وكان كثير العِبادة، دائم التهجد، لم ترَ مثلَه، ولم ير مثل نَفْسه.

وذكر الحافظ ضياء الدِّين سيرته في جُزْأين، وقال: كان تام القَامة، أبيضَ، مشرق الوجه، أَدْعَجَ (١)، كانَّ النُّور يخرج من وجهه لحُسْنِه، واسعَ الجبين، طويل اللِّحية، قائمَ الأنف، مقرون الحاجبين، صغيرَ الرأس، لطيف اليدين والقَدَمين، نحيفَ الجسم، ممتَّعًا بحواسه، أقام هو والحافظ (٢) ببغداد أربع سنين؛ فأتقنا الفِقْه والحديث والخلاف، أقاما عند الشيخ عبد القادر، ثم عند ابن الجوزي، ثم انتقلا إلى رباط النَّعَّال، واشتغلا على ابن المَنِّي، ثم سافر في سنة سبع وستين ومعه الشيخ العِماد (٣)، وأقاما سنة.

قال الحافظ ضياء الدين: رأيتُ أحمدَ بن حنبل في النَّوْم؛ فألقى علي مسألةً، فقلت: هذه في الخِرَقي (٤). فقال: ما قصَّر صاحِبُكم الموفَّق في شرح الخِرَقي.


(١) أي أن سواد عينيه كان شديد السواد. "اللسان": (دعج).
(٢) أي الحافظ عبد الغني، وقد سلفت ترجمته برقم (١٠٩٠)، وهو ابن عمة الموفق. وقد وهمت أغلب المصادر في قرابته، انظر "القلائد الجوهرية": ١/ ٣٠.
(٣) العماد، أبو إسحاق، إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي، أخو الحافظ عبد الغني، ولد سنة (٥٤٣ هـ)، وكان متصديًا لقراءة القرآن والفقه، وكان صاحب أحوال وكرامات، توفي سنة (٦١٤ هـ)، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء": ٢٢/ ٤٧ - ٥٢.
(٤) أي مختصر الخرقي، وهو أبو القاسم، عمر بن الحسين بن عبد الله البغدادي الحنبلي، توفي سنة (٣٣٤ هـ)، انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء": ١٥/ ٣٦٣ - ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>