للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كانت مجالس المناظرة تعقد في الأماكن العامة والخاصة، وكان منها ما يتفق عفوًا في الأماكن المختلفة، ومنها ما يعقد في مجالس مخصصة للمناظرة، وقد أُجريت المناظرات في عامة مسائل الشريعة، وفي أبواب الفقه كلها، وبين المذاهب جميعها (١)، فكان ثمَّ مجالس خاصة تدعى (مجالس النظر) أو (حلق المناظرين)، ونحو ذلك (٢). ومن الفقهاء من يكون له مجلس دائم للمناظرة، ومنهم من تعقد له المجالس في البلدان التي يرتحل إليها فيشهده فقهاؤها ويناظرونه في مسائل الفقه في الأصول والفروع (٣).

وكانت هذه المناظرات ربما جرت في المساجد وساحاتها ورحباتها، قال أبو الوفاء بن عقيل (ت ٥١٣ هـ): (ولا بأس بالمناظرة في مسائل الفقه والاجتهاد في المساجد إذا كان القصد طلب الحق، فإن كان مغالبة ومنافرة دخل في حيِّز الملاحاة والجدال فيما لا يعني ولم يجز في المساجد) (٤). وقد


(١) انظر: مقدمة ابن خلدون (٥/ ٢٠٩).
(٢) من التسميات الطريفة المعبرة وصف الزجاجي (ت ٣٣٧ هـ) لمجلس المناظرة بـ (حلبة التناظر)، انظر: الإيضاح في علل النحو (٣٩).
(٣) انظر على سبيل المثال: الطبقات السنية في تراجم الحنفية، الغزي (٢/ ٦١)، ترتيب المدارك، القاضي عياض (٣/ ٣٨٨) وفي (٤/ ١٣٩)، طبقات الشافعية الكبرى، السبكي (٤/ ٧١) وفي (٣/ ٢٣١) وفي (٤/ ٣٨٧) وفي (٥/ ١٦٨)، الذيل على طبقات الحنابلة، ابن رجب (١/ ٢٤) وفي (٣/ ٦٤)، وفيات الأعيان، ابن خلكان (١/ ٧٣) وفي (٣/ ١٦٩) وفي (٤/ ٢٠٤) وفي (٤/ ٢٢٥).
(٤) ذكره في الفصول، ونقله عنه ابن مفلح في: الآداب الشرعية (٤/ ٣٠).

<<  <   >  >>