والانحطاط الخلقي والتمرد على خالق السموات والأرض أوضح من أن ننوه عنه، ولا يقول بأخذه إلا مطموس البصيرة طمسًا كليًّا.
والثاني من الأقسام الباطلة: تركها كلها؛ لأن ما فيها من التقدم المادي والتنظيمي لا يصح التفريط فيه؛ لأن ذلك يؤدي إلى العجز الدائم والتواكل والتكاسل، ويخالف الأمر السماوي في قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال: ٦٠].
والثالث من الأقسام الباطلة: أخذ ضارها وترك نافعها، وهذا لا يفعله من يصدق عليه اسم العاقل.
الرابع وهو القسم الصحيح: أخذ النافع منها وترك الضار، وذلك بالسعي البالغ في تحصيل ما اشتملت عليه من الإنتاجات المادية والتنظيمية، وقضية تحصيل ذلك ممكنة مع الجد لا مستحيلة، مع التباعد الكامل عن ما جنته من الكفر والإلحاد والتمرد على نظام السماء الذي وضعه خالق الكون - جل وعلا - على لسان سيد البشر - صلوات الله وسلامه عليه - وكذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل، فإنه لما حاصره الأحزاب في غزوة الخندق وقال له سلمان:"كنا إذا خفنا خندقنا"(١) انتفع في دنياه بتلك الخطة العسكرية - التي هي حفر الخندق - ولم يمنعه من ذلك أن الأذهان التي ابتكرتها أذهان كفار مجوس يعبدون النار. وقد هم - صلى الله عليه وسلم - أن يمنع وطء النساء المراضع؛ لأن العرب كانوا يظنون أن وطء المرضع يضر بولدها ويضعف عظمه، وفي