أحدهما: إمكان أن يكون ترك ذلك لما لم يستقم التفريغ إلا كذلك، فإن الإيجاب لا يصح فيه ذلك، لو قلت: قام إلا زيد، وضربت إلا زيدًا لم يكن كلامًا مستقيمًا، بخلاف ما إذا لم يكن موجبًا.
والثاني- وهو أشبه-: أن كلامه فيما تقدم إنما هو على الاستثناء الواقع بعد النفي وشبهه من لدن قوله: "وبعد نفي أو كنفي انتخب" إلى ههنا فيكون فصل التفريغ إذًا داخلًا تحت ذلك التقييد، ومنتظمًا في سلكه. والله أعلم. [ثم قال]:
وألغ إلا ذات توكيدٍ كلا ... تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا
هذا الفصل يذكر فيه تكرير إلا في الاستثناء، أعني أن تكرر مع ما يقع مستثنًى بها. وهو قد قسمها أولًا قسمين بحسب التكرير المذكور: أحدهما: أن تكرر لمجرد التوكيد لما قبلها، والآخر: أن تكرر لا لتوكيد. فأما الأول فهو الذي ذكر في هذين الشطرين، فبين أن حكمها حكم ما لو لم تذكر إلا بخصوصها، وهذا معنى الإلغاء في قوله:"وألغ" أي أن ما بعدها يجري على إعراب ما قبلها إبدالًا منه تحرزًا مما يذكره بعد في القسم الثاني من مخالفة ما بعدها لما قبلها في الإعراب، ومثل ذلك بقوله: لا تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا، فإلا الفتى بدلٌ من الضمير المجرور بالباء، والعلا بدلٌ من الفتى، وإلا لمجرد التوكيد، كأنه قال: إلا الفتى العلا، ويتعلق بهذا الحكم مسائل ثلاث: إحداها: أن هذا الحكم مشروطٌ بأن يكون ما بعد إلا الثانية بحيث إذا سقطت إلا صح معه الكلام، وهو حقيقة كونها مؤكدة، وذلك يتصور على أن يكون الثاني بدلًا من الأول، أو