العامل منصوبًا نحو: ما رأيت إلا زيدًا إلا عمرًا، والنصب على البدل كالرفع من غير فرق، ويبين هذا القصد من كلامه نصه على التزام النصب؛ إذ لا يكون ذلك إلا مع النصب على الاستثناء، وأما النصب على البدل إذا كان ما قبله منصوبًا فغير متجهٍ؛ لأنه كالرفع والجر، فمن حيث امتنعا يمتنع النصب، ولا وجه لجواز البدل في النصب، ومنعه في الرفع والجر. ثم قال:
ودون تفريغٍ مع التقدم ... نصب الجميع احكم به والتزم
يعني إذا تقدمت المستثنيات على المستثنى منه؛ وذلك مع عدم التفريغ؛ إذ هناك يتصور التقديم فلا بد من نصبها كلها، فتقول: ما جاءني إلا زيدًا إلا عمرًا أحدٌ، ولا يجوز الرفع في واحد منها كما جاز في قولك: ما جاءني إلا زيدٌ أحدٌ؛ لأن البدل لا يصح كما لو تأخرت المستثنيات؛ لأن المستثنى لا يكون بدلًا من المستثنى، قال سيبويه:"وذلك أنك لا تريد أن تخرج الأول من شيء تدخل فيه الآخر" يعني أنك لم ترد أن يكون الأول مستثنًى منه، والثاني مستثنًى، وإنما هما معًا مستثنيان من المتروك، والبدل إنما يكون حيث يوجد مدخل ومخرج، وذلك معدوم هنا، فامتنع الرفع؛ فلذلك قال الناظم:"نصب الجميع احكم به" وأكده بقوله: "والتزم" أي التزم الحكم بالنصب، ولا تتعداه إلى غيره، ويريد النصب على الاستثناء، لا النصب مطلقًا كما تقدم في قوله:"وليس عن نصب سواه مغن"، و"نصب" منصوب بمقدرٍ من باب الاشتغال، والمفسر قوله:"احكم به" و"دون تفريغ" متعلق باسم فاعل هو حالٌ من الضمير في (به) أي احكم بالنصب حال كونه دون تفريغ، و"مع التقدم" متعلق باحكم، وقوله: