ظاهر، إلا أن هذا المثال في ظاهره ليس من هذا القسم بل من قسم المفرغ له العامل، فكان حقه أن يأتي به هنالك، أو يأتي هنا بغير مفرغ، ولكن يقال: هذا مثال لقسم المكرر على غير التوكيد، أتى به في آخره كما أتى للأول، وهو المكرر للتوكيد، بمثال في آخره فاتفق أن كان من المفرغ. وأما قوله:"وحكمها في القصد حكم الأول" فالضمير في حكمها عائدٌ على المستثنيات الثواني للأول، ويعني أن المستثنى الثاني وما بعده حكمه في المعنى المقصود حكم المستثنى الأول في أنها كلها مخرجات من المستثنى منه المذكور أو المتروك، قال في الشرح:"وما بعد الأول من هذا النوع مساوٍ له في الدخول إن كان الاستثناء من غير موجبٍ، وفي الخروج إن كان موجبًا" انتهى. واختلاف إعرابها لا يخرجها عن ذلك المعنى، قال السيرافي:"المستثنيان وإن اختلف إعرابهما مشتركان في معنى الاستثناء، وإنما رفع أحدهما ونصب الآخر على ما يوجبه تصحيح اللفظ" قال: "ويدل على أنهما مستثنيان معًا أنك لو أخرت المستثنى منه وقدمتهما نصبتهما"، وقال ابن خروف: إن الكل مستثنى من مقدر.
فإن قلت: فإذا كان حكمها كلها واحدًا على حكم الأول فكان ينبغي أن يعطف بعضها على بعضٍ، فإن ابن الناظم قال:"إنهم قصدوا بالمستثنى الثاني إخراجه من جملة ما بقي بعد المستثنى الأول، وبالثالث إخراجه من جملة ما بقي بعد المستثنى الثاني" قال: "ولم يقصدوا إخراجها دفعة واحدة وإلا وجب العطف".