ولأن الاستثناء الثاني لا يمكن على هذا المعنى إلا أن يكون منقطعًا، فيكون التقدير: له عندي عشرةٌ إلا ثلاثة سوى الأربعة التي له عندي، ومتى أمكن حمله على الاتصال لم يجز حمله على الانفصال.
فإن قيل: يعين الحمل على الانفصال هنا أنه لو أراد استثناءها من الأول معًا لقال: عشرة إلا سبعة لأنه أخصر، فتخصيصه الثلاثة بالاستثناء ثم جاء بالأربعة دليل على أن الأربعة تزاد على ما أقربه أولًا، وهي السبعة.
فالجواب: هذا لازم في: عشرة إلا ثلاثة، فلقائل أن يقول: لو أراد استثناء الثلاثة من الأول لقال: له عندي سبعة لأنها أخصر، فأن لم يفعلوا ذلك دليل على أنهم قصدوا أمرًا آخر، وهذا فاسدٌ.
فإن قيل: إن للعرب في كلامها تصرفاتٍ كثيرةً فلا يمتنع مثل هذا عليها.
قيل: فكذلك يلزم في مسألتنا.
والأمر الثاني: أن قاعدته تشعر بأنه إذا أمكن استثناء بعض المستثنيات من بعض فليس الحكم كذلك خلافًا لمن زعم أن الحكم في القسمين واحدٌ. وفي المسألة ثلاثة أقوال: أحدها: أن الجميع مخرجٌ من الأول، فإذا قلت: له عندي عشرة إلا اثنين إلا ثلاثة فالمقر به خمسة كما تقدم، وإذا قلت: عشرة إلا ثلاثة إلا اثنين فكذلك وهذا إذا أمكن أن تكون المستثنيات كلها مخرجة من الأول.
والثاني: مذهب الفراء المتقدم فيجعل الاستثناء الثاني منقطعًا كما تقدم.
والثالث: مذهب الأكثر أن يجعل الثاني مستثنى من الأول، والثالث مستثنى من الثاني، فإذا قلت: له عندي عشرة إلا ثلاثة إلا اثنين، فالثلاثة مخرجة من العشرة، والاثنان مخرجة من الثلاثة، فالمقر به إذًا تسعة، وليس في كلام