الناظم ما يعين هذا الأخير، ولا ما قبله، وفيه ما يعين مخالفته للأول من جهة ما أشار إليه من مخالفة القسم الأول لهذا القسم في حكم الإخراج، ولما لم يتعين له رأي في هذا القسم لم نتعرض للاحتجاج عليه. وبالله التوفيق ثم قال:
واستثن مجرورًا بغيرٍ معربًا ... بما لمستثنًى بإلا نسبًا
أدوات الاستثناء على أربعة أقسام: قسم هو حرف فقط، وذلك إلا، وهو الذي قدم الكلام عليه، وقد فرغ من شرحه، والحمد لله، وقسم هو اسم فقط، وذلك غير وسوى، بلغاتها، وهو الذي شرع في الكلام عليه، وقسم هو فعل فقط، وذلك ليس، ولا يكون، وقسم هو متردد بين الفعلية والحرفية، تارة يكون فعلًا، وتارةً يكون حرفًا، وهو خلا، وعدا، وحاشا بلغاتها. وإذا تقرر هذا فاعلم أن الأصل في غير أن تكون صفةً؛ لأنك تقول: مررت برجلٍ غيرك، تريد أنه مغايرٌ لك، كما تقول: مررت برجل مثلك على معنى مماثلك غير أنها ضمنت معنى إلا حيث يصح ذلك فيها، وذلك إذا تقدم ما يكون المضاف إليه غير جزءٍ منه، فتقول: قام القوم غير زيدٍ، تريد غايرهم في أنه لم يقم، لأنك لا تريد أن القوم ليسوا زيدًا، وإذا صح فيها معنى إلا بتضمينها إياه جرت مجرى إلا في الاستثناء بها كما يستثنى بإلا؛ فلذلك أدخلوها في حكمها، فيريد الناظم أن غيرًا يستثنى بها ما أضيفت إليه فتعرب معه بإعراب الاسم الواقع بعد إلا، فكل حكم لزم فيما بعد إلا فهو لازمٌ في غير، من نصب، وإتباعٍ، واتصال، وانقطاع غير أن إعراب ما بعد إلا من رفعٍ أو نصبٍ أو جرٍ حاصلٌ في غيرٍ لا فيما بعدها؛ إذا كان ما بعدها قد استحق الجر بالإضافة؛ لأن غيرًا من الأسماء فهي بمنزلة ما بعد إلا في الإعراب، وبمنزلة إلا نفسها في معنى الاستثناء، فقوله:"واستثن مجرورًا بغيرٍ" أي اجعل المجرور بغيرٍ هو المستثنى، وغيرًا أداة الاستثناء،