إفادة كثرة ولا عموم، ورد على المبرد بقولهم: ما جاءني من أحد؛ إذ لا دلالة على عموم ولا كثرة؛ لأن أحدًأ قد أفاد ذلك المعنى؛ إذ هو مرادف لكراٍب، وعريٍب، ودياٍر ونحوها، وهي موضوعة لعموم النفي، فإذًا لا يمكن إلا الزيادة. فإذا ثبتت زيادتها البتة في: من أحٍد جاز في: ما جاءني من رجٍل أن تزاد، فتكون على ضريين: تكون زائدة على حد زيادتها في: ما جاءني من أحٍد، وتكون / /٢٨٧/ أيضًا مفيدًة للعموم، وهذا المعنى قرره الفارسي، وهو صحيح في نفسه إلا أن اعتراض المبرد قد يرد عليه؛ لأن زيادة (من) هنا للتوكيد، فالتوكيد هو أصل معناها، فليست بزائدة لأن حقيقة الزائدة ما دخوله كخروجه، وهذه ليست كذلك لأن التوكيد قبل دخولها مفقود، فلما أتى بها حصل بها التوكيد، وهو معنى كالتبعيض، والابتداء، فلا تسلم هذه الطريقة على هذا التقدير، كما أن في الطريقة الأولى محلا للبحث.
فقد يمكن أن يريد الناظم بالزيادة على هذه الطريقة ما لم يأت لمعنى العموم.
وأما على الأولى: فهي تسمى زائدة، وإن جاءت لمعنى العموم، ومذهبه في التسهيل يشير إلى الطريقة الأولى، وإليها يشير تمثيله هنا؛ لأنه يمكن في قوله:(ما لباغ من مقر) أن تكون (من) للتوكيد، أو لإفادة العموم.
فإذا تقرر معنى زيادة الحرف، فنرجع إلى كلام الناظم، فقوله:(وزيد في نفٍي وشبهه) إلى آخره، يعني أن (من) تزاد بشرطين:
أحدهما: أن تقع في نفٍي أو ما أشبه النفي. أما زيادتها في النفي، فنحو: ما