وأتى بلغة القصر أولا، قم أردفها بلغة المد بقوله:(والمد أولى) مع عدم التنبيه على زيادة عنى، فدل على أن اللغتين عنده بمعنى واحد، ويعني أن الأشهر في كلام العرب مد "أولى" لا قصرها وإن كان فيها لغتان، وإنما نص على ذلك لوجهين:
أحدهما: تعيين النقل في اللغتين مطلقا.
والثاني: أنه قدم أولا لغة القصر، فلو نقل بعد ذلك لغة المد خلية عن التنبيه على الأولوية لتوهم الناظر في نظمه أن لغة القصر هي الشهرى، اتكالا على التقديم، إذ الناظر يعتمد (كثيرا التنبيه) بالتقديم على الأولوية حسب ما تراه إن شاء الله، فلما كان سكوته عن بيان ما هو الأولى يؤدي إلى فهم ما ليس بمقصود له صرح بأن ما ذكر آخرا هي اللغة الفصحى وأن ما قدم لغة دونها، ولا مرية في أن ذلك على ما قال: لأن المد لغة القرآن ففيه: {ها أنتم أولاء تحبونهم}، {ها أنتم هؤلاء حاججتم} وهو كثيٍ، لكن في كلامه إيهاما ما، يوجب إيهام نقل لا يصح، وذلك أن المد في أولاء فيه لغتان بل ثلاث لغات:
إحداها: ما قصد ذكره من المد مع الكسر من غير تنوين.
والثانية: الكسر مع التنوين، فتقول: هؤلاء قومك/، ورأيت هؤلاء، ومررت بهؤلاء. حكاها ابن جني والجوهري عن أبي زيد.