للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من إنسان عاش دهره كله، لم يسجد لله سجدة، ولا أطاع الله أبدًا، ثم يزعم أن قلبه عامر بالإيمان.

هل يعقل أن هناك إنسانًا مؤمنًا محبًا لله ورسوله يعيش حياته لا يصلي ولا يصوم ولا بحج ولا يتصدق؟ .

والله عزّ وجلّ قد أقام الحجة على من ادعى حب الله تعالى، وجعل علامة بينة على هذا الحب، يعرف بها الصادق من الكاذب، وهذه العلامة هي اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١)} [آل عمران: ٣١].

ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله عند هذه الآية الكريمة: "هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله، وليس هو على الطريقة المحمدية، فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي، في جميع أقواله وأعماله. . " (١).

وانظر كيف عقب سبحانه وتعالى على الآية السابقة بقوله عزّ وجلّ: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٣٢)} [آل عمران: ٣٢].

فإن التولي عن طاعة الله ورسوله بالكلية كفر، وفي ذلك يقول الحافظ ابن كثير: (فإن تولوا: تخالفوا عن أمره، فإن الله لا يحب الكافرين، فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر، والله لا يحب من اتصف بذلك، وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله، ويتقرب إليه حتى يتابع النبي الأمي خاتم الرسل، ورسول الله إلى جميع الثقلين الجن والإنس) (٢).

وأي مخالفة أعظم من أن يعيش المرء دهره وعمره لا يطيع الله، ولا يطيع رسوله طاعة أبدًا! ! وأي قول أشد من هذا التولي! ! .

وماذا تصنع المرجئة بنصوص الكتاب والسنّة المتظافرة المتواترة المستفيضة الصحيحة الصريحة التي توجب العمل، وتشيد بالعمل، وتحذر من التهاون في العمل، ولا تكاد تذكر الإيمان إلا ومعه العمل.


(١) تفسير القرآن العظيم (١/ ٣٥٩).
(٢) المصدر السابق (١/ ٣٥٩).

<<  <   >  >>