للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على سَننٍ واحدٍ، وإذا صُرِفَ إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو مغايبةٌ، والتي قبلها: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ} مخاطبةٌ، والتي بعدها: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} مخاطبةٌ، فتوسُّط (١) الثانية على المغايبة يَكون على الانتقالِ مِن هذه إلى تلك، ومن تلك إلى هذه، وذلك في القرآن كثير؛ {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ} [يونس: ٢٢]، {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ} (٢) [الإنسان: ٢١]، {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً} [الإنسان: ٢٢].

* * *

(١٤٨) - {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

وقوله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} أي: ولكلِّ قومٍ قبلةٌ تتوجَّهُ إليها، وقوله: {هُوَ مُوَلِّيهَا} يجوز أن يكون هو راجعًا إلى قوله: {وَلِكُلٍّ} ولفظُه واحدٌ، وإن كان معناه الجمع، فيجوزُ أن تكون الكنايةُ الرَّاجعةُ إليه على التَّوحيد للفظه.

ومعنى {مُوَلِّيهَا}؛ أي: جاعلٌ إليها وجهَهُ، ويجوزُ أن يكونَ {هُوَ} اسمُ اللَّه تعالى؛ أي: اللَّه موجِّهٌ إليها عبادَه، والتَّوليةُ متعدِّيةٌ، وعلى الأوَّل يُجعَلُ الوجهُ مضمرًا؛ أي: كلٌّ موجِّهٌ إليها وجهَه.

وقوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}؛ أي: تسارَعوا إليها، وأصلُ السَّبقِ التَّقدم، والاستباقُ من الاثنين ومن الجمع، كالتَّسابق، وكذا التَّبادرُ والابتدار، والتَّقاتلُ والاقتتال (٣).


(١) في (أ): "وتوسط".
(٢) بعدها في (ر): "شرابا طهورا".
(٣) في (ف): "والتقابل والاقتبال".