للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ففيه خيرات لكم، ولا تَلتفتوا إلى طعنِ هؤلاء، فإنَّهم يُريدون أنْ يَصْرفوكم عنها، فاستَبِقوا إليها ولا تُغلَبوا عليها، واللَّه يَجمعكم وإيَّاهم يومَ القيامة؛ فيَفصلُ بينكم.

وقيل: أي: لكلِّ أهلٍ ناحيةٌ منكم أيُّها المؤمنون، ناحيةٌ يَتوجَّهُ منها إلى الكعبةِ مَن كان على يمينِها، أو يسارِها، أو قُدَّامَها، أو خَلْفها، وكلُّهم يَستقبلونها بأمرِ اللَّه، واللَّهُ وجَّههم إليها، لا يَخفى على اللَّه حالُ أهل الآفاقِ وشأنُهم (١) في ذلك، وهو يَحشُرهم ويَجزِيهم.

وقيل: في قوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}؛ أي: وبادروا إليها قبل الموت، وفي أيِّ موضعٍ متُم، حُشِرتُم وجُوزيتم.

وقال بعضُ أهل الحقيقة: معناه: كلُّ قومٍ اشتغلوا بغيرنا عنَّا، وأقبلوا على غيرنا فكونوا معاشِرَ العارفين لنا، واشتغلوا بنا عن غيرِنا، فإنَّ مرجعَكم إلينا، وأنشدوا:

إذا اشتغلَ اللَّاهون عنك بشُغلِهم... جعلتُ اشتغالي فيكَ يا مُنتَهى شُغلي (٢)

* * *

(١٤٩) - {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.

وقوله تعالى: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}؛ أي: ومِن أيِّ موضعٍ خرجتَ، وأينَما كنتَ في أقطارِ الأرض، فاستقبلِ الكعبةَ بصَلاتِك.

وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}؛ أي: تحويلُ القبلةِ إلى الكعبة حقٌّ، وهو مِن اللَّه تعالى.


(١) في (أ): "ونياتهم".
(٢) ذكره ابن الجوزي في "المدهش" (ص: ٤٥٥) دون نسبة.