للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ}: تنزَّه اللَّه عما أضافه إليه المشركون مما لا يليق به، وهو الملك الحق، فهو الغني الذي لا يَلحقه حاجةٌ، وملوك الخلق محتاجون، فليسوا ملوكًا (١) على الحقيقة.

وقوله تعالى: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ}: هو كقوله: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: ١٦]، وكان لحرصه (٢) على أخذ القرآن عن جبريل يَعْجَل بقراءته قبل استتمام جبريل إيحاءَه إليه، فقال اللَّه تعالى: لا تعجل به إلى أن يتم وحيُه وإلقاؤه إليك.

وقيل: ولا تَعْجَلْ بقراءته على أصحابك قبل أن يبين (٣) لك معناه.

{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}: بفوائده.

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعلمَ البشر، وممن شهد له الحقُّ بخصائص العلم بقوله: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} [النساء: ١١٣]، ثم قال له: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} ليُعلَمَ أن ما يخصُّ اللَّه تعالى به أنبياءه وأولياءه من لطائف العلوم لا حصر له.

وقال: طلب موسى زيادة العلم فأُحيل على الخضر، وكان أولُه: {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: ٦٧] وآخرُه: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: ٧٨]، ولما احتاج نبيُّنا -صلى اللَّه عليه وسلم- لزيادة العلم قال له: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}، ولم يُحِلْه إلى غيره، فشتَّان ما بين المنزلتين.


(١) في (ف): "فاستوى ملكًا" بدل: "فليسوا ملوكًا".
(٢) في (أ): "يُحرِّضه"، وفي (ف): "يحركه".
(٣) في (ر): "يتبين"، وغير واضحة في (أ).