للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال (١): ولمَّا قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنا أعلمُكم باللَّه وأخشاكم له" (٢)، قال تعالى له: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} فنقله عن الدعوى إلى التضرُّع والدعاء (٣).

* * *

(١١٥) - {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}.

وقوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ}: أي مِن قبلِ هؤلاء الذين صرَّفنا لهم الوعيد في القرآن، وهذا تسليةٌ للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتعريفٌ له أن طاعة بني آدم للشيطان وتَرْكَهم التحفُّظَ عن وساوسه أمرٌ قديم، فلا يُهِمَّنك.

{وَلَقَدْ عَهِدْنَا}؛ أي: أوصينا وأَمَرْنا، وهو قوله: {إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه: ١١٧].

قوله تعالى: {فَنَسِيَ}: أي: خَفِيَ عليه الحال {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}: أي: قصدًا.

ومنهم مَن قال: {فَنَسِيَ}؛ أي: ترك {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}؛ أي: ثباتًا على العهد.

وقد بينَّا في سورة البقرة تفسير الزلة وأقاويلَ الناس فيها وما هو الصحيح منها.

* * *

(١١٦ - ١١٧) - {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (١١٦) فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى}.


(١) "وقال" من (أ).
(٢) رواه البخاري (٢٠)، ومسلم (١١١٠) من حديث عائشة رضي اللَّه عنها ولفظ البخاري: "إن أتقاكم وأعلمكم باللَّه أنا"، وهو عند مسلم بلفظ: "واللَّه إني لأرجو أن اكون أخشاكم للَّه وأعلمكم بما أتقي".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٤٨٠).