وقيل:{ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ}؛ أي: أسرع الرجوع منهم إلينا، وعلى هذا فيه تقديم وتأخير: فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم أسرع الانصراف عنهم إلينا.
وقيل:{فَانْظُرْ}؛ أي: فانتظر، وقوله:{مَاذَا يَرْجِعُونَ}؛ أي: يتراجعون بينهم الكلام؛ كما قال:{يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ}[سبأ: ٣١].
ثم هاهنا مضمر: فذهب الهدهد بالكتاب فألقاه إليها {قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ}: أي: قالت ملكة سبأ لأشراف قومها: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} وهو هذا الكتاب، خلت (١) بوزرائها فقالت لهم: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ}؛ أي: شريف فاضل.
وقيل: الكريم: الحقيق بأن يؤمَّل فيه كلُّ خير، ورأت آثار ذلك في هذا الكتاب فلذلك قالت ما قالت.
وقيل: سمَّته كريمًا لأنه كان مختومًا.
وقيل: كان مكتوبًا بالذهب.
وقيل: كان مِن ملكٍ تُطيعه الجنُّ والإنس والطير والوحش.
وقيل: سمَّته كريمًا لحُسْن ما فيه: من افتتاحه بـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، والدعاءِ فيه إلى الإسلام، ومن وَجازة الخطاب فيه مع إتيانه على المراد.
وقيل: لمَّا وصل إليها الكتاب على خلافِ العادة مع طائرٍ قد اخترق إليها البيوت والأبواب توهَّمَت أنه من السماء فسمَّته كريمًا لذلك.