وقولُه تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ}: ثم عاد الكلام إلى وعيد الكافرين المُجادلين:
{يُنَادَوْنَ}؛ أي: تُناديهم الملائكة يوم القيامة إذا دخلوا النار فمقَتوها؛ أي: أبغَضوها أشدَّ بُغْضةٍ، فيقولون لهم:{لَمَقْتُ اللَّهِ} وهو لام قسَمٍ؛ أي: بُغْضُ اللَّه تعالى لكم على كفركم {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} في الدنيا {أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} في النار، فيكون فيه تقديم وتأخير.
وقيل: هو على ظاهر نَظْمِه (١)؛ أي: أكبر مِن بُغْضكم أنفسَكم في الدنيا، فإنكم بتَرْك الإيمان فعلتُم بأنفسكم فِعْلَ الأعداء، وكان مَقْتُ اللَّه لكم وقتَ كفركم أكبرَ مِن بُغْضكم أنفسَكم حينئذ.
وقيل: أي: بُغْض اللَّه لكم في الدنيا حالةَ الكفر أكبرُ مِن بُغْض بعضكم لبعض الآن، وهو مِن قوله:{ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}[العنكبوت: ٢٥]، وطريقُه طريقُ قولِه:{وَلَا تَلْمِزُوا}[الحجرات: ١١]؛ أي: لا يفعلْ ذلك بعضكم ببعض.