للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال آخر:

سعدُ بنُ زيدٍ إذا أبصَرْتَ فَضْلَهُمُ... ما إنْ كمِثْلِهِمُ في الناس مِن أحدِ (١)

وقال القُتَبيُّ: المِثْلُ صِلَةٌ، معناه: ليس كهو، وهو كما يقول الرجل: لا يُقال هذا لِمِثْلي؛ أي: لي (٢).

وهو وجهٌ لا يجوزُ في العقل غيرُه؛ لأنَّه لو حُمِلَ هذا على ظاهرِه ونُفِيَ التَّشبيهُ عن مِثْله لا عنه، كان في تصحيحه إبطالُه؛ لأنَّه لو كان له مِثْلٌ لكان لِمِثْلِه مِثْل، وهوَ هوَ، فلم يصِحَّ نَفْيُ التَّشبيه، فدلَّ على أنه لِحقيقةِ نَفْيِ المِثْلِ عنه جلَّ جلاله.

وهذه الآية أقوى عُدَّةٍ لأهل السُّنَّة والجماعة على أهل الأهواء والبِدَع؛ لأنَّه إذا نُفِيَ التَّشْبيةُ بطَلَ قولُ المُجَسِّمَةِ والمكانيَّةِ، والقائلين بالجوارحِ وحُلولِ الحوادث في الذَّاتِ، وكثيرٌ مِن قواعدهم الفاسدة، وباللَّه العِصْمَةُ.

{وَهُوَ السَّمِيعُ}: كلَّ المسموعات بسَمْعٍ أزَليٍّ، لا بجارحةٍ.

{الْبَصِيرُ}: بكل المُبْصَراتِ ببَصَرٍ أزَليٍّ، لا بجارحةٍ (٣).

* * *

(١٢) - {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.


= مسبل"، والمثبت من (ف)، وهو الموافق لما في "الأضداد" لابن الأنباري (ص: ٤١). وفي (أ) و (ر): "يغشاهم سيل".
(١) ذكره دون نسبة الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٤٧٧)، والثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٣٠٦)، والماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ١٩٥).
(٢) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة (ص: ٣٩١)، وهو قول الأخفش؛ كما في "معاني القرآن" له (١/ ١٩٧).
(٣) وقد تقدم مرارًا بيان مذاهب السلف والخلف في آيات الصفات، وأنها تدور بين قولي التسليم والتأويل، وأن التسليم هو مذهب السلف، وهو الأسلم، كما قال الإمام النووي رحمه اللَّه وغيره من جمهور علماء الأمة.